المغرب والعشاء، وكالاخفات لا جدا بحيث يلحق بحديث النفس في غيرها من الفرائض، وما نسب إلى أبي جعفر عليه السلام وأبي عبد الله عليه السلام لا ينافي ذلك.
وسادسها: ما رواه العياشي عن الباقر عليه السلام لا تجهر بولاية علي ولا بما أكرمته به حتى آمرك بذلك، ولا تخافت بها يعني لا تكتمها عليا وأعلمه بما أكرمته به (وابتغ بين ذلك سبيلا) سلني أن آذن لك أن تجهر بأمر علي بولايته، فاذن له باظهاره يوم غدير خم (1).
أقول: وهذا بطن الآية ولا ينافي العمل بظاهرها.
ثم اعلم أن المشهور بين الأصحاب وجوب الجهر والاخفاف في مواضعهما في الفرائض وأنه تبطل الصلاة بتركهما عالما عامدا، ونقل عليه الشيخ في الخلاف الاجماع والمنقول عن السيد المرتضى رضي الله عنه أنهما من وكيد السنن، وعن ابن الجنيد أيضا القول باستحبابهما، ولا يخلو من قوة كما ستعرف، ولا يخفى أن الآية على الوجه الخامس الذي هو أظهر الوجوه، يؤيد الاستحباب إذ التوسط الذي يظهر منها شامل لحدي الجهر والاخفات وتخصيص بعضها ببعض خلاف الظاهر.
وأما حدهما فقال في التذكرة أقل الجهر أن يسمع غيره القريب تحقيقا أو تقديرا، وحد الاخفات أن يسمع نفسه أو بحيث يسمع لو كان سميعا باجماع العلماء وقريب منه كلام المنتهى والمحقق في المعتبر، وجماعة من الأصحاب، ويرد عليه أن مع إسماع نفسه يسمع القريب أيضا غالبا، وضبط هذا الحد بينهما في غاية الاشكال إن أمكن ذلك، ولذا قال بعض المتأخرين: الجهر هو ظهور جوهر الصوت والاخفات هو إخفاء الصوت وهمسه، وإن سمع القريب، ومنهم من أحالهما على العرف ولعله أظهر.
والظاهر أنه لا فرق بين الأداء والقضاء في الوجوب والاستحباب كما يدل عليه كلام الأصحاب وذهبوا إلى أن الجاهل فيهما معذور، والجهر إنما يجب على القول به في القراءة دون الأذكار، ونقل في المنتهى اتفاق الأصحاب على استحباب