على التسبيح، فان لفظة ثم فيها من كلام الراوي، فلم يبق إلا ظاهر التقديم اللفظي أيضا فالتنافي بين الروايتين إنما هو بحسب الظاهر، فينبغي حمل الثانية على الأولى لصحة سندها، واعتضادها ببعض الروايات الضعيفة (1) كما رواه أبو بصير عن الصادق عليه السلام أنه قال: في تسبيح الزهراء عليها السلام تبدء بالتكبير أربعا وثلاثين ثم التحميد ثلاثا وثلاثين ثم التسبيح ثلاثا وثلاثين، وهذه الرواية صريحة في تقديم التحميد فهي مؤيدة لظاهر لفظ الرواية الصحيحة، فتحمل الرواية الأخرى على خلاف ظاهر لفظها ليرتفع التنافي بينهما كما قلنا.
فان قلت: يمكن العمل بظاهر الروايتين معا بحمل الأولى على الذي يفعل بعد الصلاة، والثانية على الذي يفعل عند النوم، وحينئذ لا يحتاج إلى صرف الثانية عن ظاهرها، فلم عدلت عنه؟ وكيف لم تقل به؟.
قلت: لأني لم أجد قائلا بالفرق بين تسبيح الزهراء في الحالين، بل الذي يظهر بعد التتبع أن كلا من الفريقين القائلين بتقديم التحميد وتأخيره قائل به مطلقا سواء وقع بعد الصلاة أو قبل النوم فالقول بالتفصيل إحداث قول ثالث في مقابل الاجماع المركب.
وأما ما يقال من أن إحداث القول الثالث إنما يمتنع إذا لزم منع رفع ما أجمعت عليه الأمة كما يقال في رد البكر الموطوءة بعيب مجانا لاتفاق الكل على عدمه بخلاف ما ليس كذلك كالقول بفسخ النكاح ببعض العيوب الخمسة دون بعض لموافقة كل من الشطرين في شطر، وكما نحن فيه إذ لا مانع منه مثل القول بصحة بيع الغائب وعدم قتل المسلم بالذمي بعد قول أحد الشطرين بالثاني ونقيض الأول والشطر الثاني بعكسه.
فجوابه أن هذا التفصيل إنما يستقيم على مذهب العامة، أما على ما قرره الخاصة من أن حجية الاجماع مسببة عن كشفه عن دخول المعصوم فلا، إذ مخالفته حاصلة وإن وافق القائل كلا من الشطرين في شطر، وقس عليه مثال البيع والقتل انتهى.