بالدنيا وأن الله لن يجمع لنا بين النبوة والخلافة، وصدقه عمر وأبو عبيدة و سالم مولى حذيفة على ذلك، وزعموا أنهم سمعوا هذا الحديث من النبي صلى الله عليه وآله كذبا وزورا فشبهوا على الأنصار والأمة، والنبي صلى الله عليه وآله قال: من كذب على متعمدا فليتبوء مقعده في النار.
وقوله: (وعقبة ارتقوها) إشارة إلى أصحاب العقبة وهم أبو بكر وعمر و عثمان وطلحة والزبير وأبو سفيان ومعاوية ابنه وعتبة بن أبي سفيان وأبو الأعور السلمي والمغيرة بن شعبة وسعد بن أبي وقاص وأبو قتادة وعمرو بن العاص وأبو - موسى الأشعري اجتمعوا في غزوة تبوك على كؤد لا يمكن أن يجتاز عليها إلا فرد رجل أو فرد جمل، وكان تحتها هوة مقدار ألف رمح من تعدى عن المجرى هلك من وقوعه فيها، وتلك الغزوة كانت في أيام الصيف. والعسكر تقطع المسافة ليلا فرارا من الحر فلما وصلوا إلى تلك العقبة أخذوا دبابا كانوا هيؤها من جلد حمار، ووضعوا فيها حصى وطرحوها بين يدي ناقة النبي صلى الله عليه وآله لينفروها به فتلقيه في تلك الهوة فيهلك صلى الله عليه وآله.
فنزل جبرئيل عليه السلام على النبي صلى الله عليه وآله بهذه الآية (يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم وهموا بما لم ينالوا) (1) الآية وأخبره بمكيدة القوم، فأظهر الله تعالى برقا مستطيلا دائما حتى نظر النبي صلى الله عليه وآله إلى القوم وعرفهم وإلى هذه الدباب التي ذكرناها أشار عليه السلام بقوله: (ودباب دحرجوها) وسبب فعلهم هذا مع النبي صلى الله عليه وآله كثرة نصه على علي عليه السلام بالولاية والإمامة والخلافة، وكانوا من قبل نصه أيضا يسوؤنه لان النبي صلى الله عليه وآله سلطه على كل من عصاه من طوائف العرب، فقتل مقاتليهم، وسبا ذراريهم، فما من بيت إلا وفي قلبه ذحل، فانتهزوا في هذه الغزوة هذه الفرصة، وقالوا إذا هلك محمد صلى الله عليه وآله رجعنا إلى المدينة، ونرى رأينا في هذا الامر من بعده، وكتبوا بينهم كتابا فعصم الله نبيه منهم، وكان من فضيحتهم ما ذكرناه.