المبدلين، رضي لك ومثوبة منك فهب لنا مزيدا من التأييد، وعونا من التسديد، إلى حين نفوذ مشيتك فيمن أسعدته وأشقيته من بريتك وامنن علينا بالتسليم لمحتومات أقضيتك، والتجرع لواردات أقدارك، وهب لنا محبة لما أحببت في متقدم ومتأخر ومتعجل ومتأجل، والايثار لما اخترت في مستقرب ومستبعد، ولا تخلنا اللهم مع ذلك من عواطف رأفتك ورحمتك وكفايتك وحسن كلاءتك بمنك وكرمك.
ودعا عليه السلام في قنوته.
يا من يعلم هواجس السرائر، ومكامن الضمائر، وحقايق الخواطر، يامن هو لكل غيب حاضر، ولكل منسي ذاكر، وعلى كل شئ قادر، وإلى الكل ناظر، بعد المهل، وقرب الأجل، وضعف العمل، وأرأب الامل، وآن المنتقل وأنت يا الله الاخر كما أنت الأول، مبدئ ما أنشأت، ومصيرهم إلى البلى ومقلدهم أعمالهم، ومحملها ظهورهم إلى وقت نشورهم من بعثة قبورهم، عند نفخة الصور، و انشقاق السماء بالنور، والخروج بالمنشر إلى ساحة المحشر، لا يرتد إليهم طرفهم وأفئدتهم هواء، متراطمين في غمة مما أسلفوا، ومطالبين بما احتقبوا، ومحاسبين هناك على ما ارتكبوا.
الصحائف في الأعناق منشورة، والأوزار على الظهور مأزورة، لا انفكاك ولا مناص، ولا محيص عن القصاص، قد أفحمتهم الحجة وحلوا في حيرة المحجة، همسوا الضجة، معدول بهم عن المحجة، إلا من سبقت له من الله الحسنى، فنجي من هول المشهد، وعظيم المورد، ولم يكن ممن في الدنيا تمرد، ولا على أولياء الله تعند ولهم استعبد، وعنهم بحقوقهم تفرد.
اللهم فان القلوب قد بلغت الحناجر، والنفوس قد علت التراقي، والاعمار قذ نفدت بالانتظار، لا عن نقص استبصار، ولا عن اتهام مقدار، ولكن لما تعاني من ركوب معاصيك، والخلاف عليك في أوامرك ونواهيك، والتلعب بأوليائك و مظاهرة أعدائك، اللهم فقرب ما قد قرب، وأورد ما قد دنى، وحقق ظنون الموقنين وبلغ المؤمنين تأميلهم من إقامة حقك ونصر دينك، وإظهار حجتك والانتقام من أعدائك.