42 - تفسير الإمام العسكري: قوله عز وجل " وقولوا للناس حسنا " (1) قال الصادق عليه السلام:
" وقولوا للناس حسنا " أي للناس كلهم مؤمنهم ومخالفهم، أما المؤمنون فيبسط لهم وجهه، وأما المخالفون فيكلمهم بالمداراة لاجتذابهم إلى الايمان، فإنه بأيسر من ذلك يكف شرورهم عن نفسه، وعن إخوانه المؤمنين، قال الإمام عليه السلام إن مداراة أعداء الله من أفضل صدقة المرء على نفسه وإخوانه، كان رسول الله صلى الله عليه وآله في منزله إذا استأذن عليه عبد الله بن أبي بن سلول فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: بئس أخو العشيرة ائذنوا له فلما دخل أجلسه وبشر في وجهه، فلما خرج قالت له عايشة: يا رسول الله قلت فيه ما قلت، وفعلت به من البشر ما فعلت؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا عويش يا حميرا إن شر الناس عند الله يوم القيامة من يكرم اتقاء شره.
وقال أمير المؤمنين عليه السلام: إنا لنبشر في وجوه قوم، وإن قلوبنا تقليهم أولئك أعداء الله نتقيهم على إخواننا، لا على أنفسنا، وقالت فاطمة عليهما السلام بشر في وجه المؤمن يوجب لصاحبه الجنة، وبشر في وجه المعاند المعادي يقي صاحبه عذاب النار.
وقال الحسن بن علي عليهما السلام: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إن الأنبياء إنما فضلهم الله على خلقه بشدة مداراتهم لأعداء دين الله، وحسن تقيتهم لأجل إخوانهم في الله، قال الزهري: كان علي بن الحسين عليه السلام يقول: ما عرفت له صديقا في السر و لا عدوا في العلانية، لأنه لا أحد يعرفه بفضائله الباهرة إلا ولا يجد بدا من تعظيمه من شدة مداراة علي بن الحسين عليهما السلام وحسن معاشرته إياه، وأخذه من التقية بأحسنها وأجملها، ولا أحد وإن كان يريه المودة في الظاهر إلا وهو يحسده في الباطن لتضاعف فضائله على فضائل الخلق وقال محمد بن علي عليهما السلام: من أطاب الكلام مع موافقيه ليؤنسهم وبسط وجهه لمخالفيه ليأمنهم على نفسه وإخوانه فقد حوى من الخيرات والدرجات العالية عند الله ما لا يقادر قدره غيره.