في الرقبة حتى يطأطي، ولا في الذيل حتى يضم، إنما الورع في القلوب قال صلى الله عليه وآله:
التقوى ههنا، وأشار إلى صدره.
وهؤلاء أخف حالا ممن هو في المرتبة الثالثة وهو الذي يظهر الكبر على لسانه حتى يدعوه إلى الدعوى والمفاخرة والمباهاة وتزكية النفس أما العابد فإنه يقول في معرض التفاخر لغيره من العباد: من هو؟ وما عمله؟ ومن أين زهده؟
فيطيل اللسان فيهم بالتنقص ثم يثني على نفسه ويقول: إني لم أفطر منذ كذا وكذا ولا أنام بالليل، وفلان ليس كذلك، وقد يزكي نفسه ضمنا فيقول: قصدني فلان فهلك ولده وأخذ ماله أو مرض، وما يجري مجراه هذا يدعي الكرامة لنفسه.
وأما العالم فإنه يتفاخر ويقول: أنا متفنن في العلوم، ومطلع على الحقائق رأيت من الشيوخ فلانا وفلانا، ومن أنت؟ وما فضلك؟ ومن لقيته؟ ومن ذا الذي سمعت من الحديث؟ كل ذلك ليصغره ويعظم نفسه، فهذا كله أخلاق الكبر، وآثاره التي يثمرها التعزز بالعلم والعمل، وأين من يخلو عن جميع ذلك أو عن بعضه؟ يا ليت شعري من عرف هذه الأخلاق من نفسه وسمع قول رسول الله صلى الله عليه وآله: لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال حبة من خردل من كبر، كيف يستعظم نفسه، ويتكبر على غيره، وهو بقول رسول الله صلى الله عليه وآله من أهل النار، و إنما العظيم من خلا عن هذا، ومن خلا عنه لم يكن فيه تعظم وتكبر.
الثالث التكبر بالنسب والحسب، فالذي له نسب شريف، يستحقر من ليس له ذلك النسب، وإن كان ارفع منه عملا وعلما، وثمرته على اللسان التفاخر به، وذلك عرق رقيق في النفس لا ينفك عنه نسيب وإن كان صالحا أو عاقلا إلا أنه قد لا يترشح منه عند اعتدال الأحوال، فان غلب غضب اطفأ ذلك نور بصيرته وترشح منه.
الرابع التفاخر بالجمال وذلك يجري أكثره بين النساء ويدعو ذلك إلى التنقص والتسبب والغيبة وذكر عيوب الناس.
الخامس الكبر بالمال، وذلك يجري بين الملوك في الخزائن وبين التجار