10 - الكافي: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد عن ابن فضال، عن ابن بكير، عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إذا أذنب الرجل خرج في قلبه نكتة سوداء فان تاب انمحت وإن زاد زادت حتى تغلب على قلبه فلا يفلح بعدها أبدا (1).
بيان: " خرج في قلبه نكتة " النكتة النقطة، وكل نقطة في شئ بخلاف لونه فهو نكتة، وقيل: إن الله خلق قلب المؤمن نورانيا قابلا للصفات النورانية فان أذنب خرج فيه نقطة سوداء، فان تاب زالت تلك النقطة وعاد محلها إلى نورانيته، وإن زاد في الذنب سواء كان من نوع ذلك الذنب أم من غيره، زادت نقطة أخرى سوداء، وهكذا حتى تغلب النقاط السود على جميع قلبه " فلا يفلح بعدها أبدا " لان القلب حينئذ لا يقبل شيئا من الصفات النورانية، والظاهر أنه إن تاب من ذنب ثم عاد لم تبطل التوبة الأولى، وأنه إن تاب من بعض الذنوب دون بعض فهي صحيحة على أحد القولين فيها.
أقول: وقال بعض المحققين بعد أن حقق أن القلب هو اللطيفة الربانية الروحانية التي لها تعلق بالقلب الصنوبري كما مر ذكره: القلب في حكم مرآة قد اكتنفته هذه الأمور المؤثرة فيه، وهذه الآثار على التوالي واصلة إلى القلب، أما الآثار المحمودة فإنها تزيد مرآة القلب جلاء وإشراقا ونورا وضياء حتى يتلألؤ فيه جلية الحق، وتنكشف فيه حقيقة الامر المطلوب في الدين، وإلى مثل هذا القلب أشار بقوله صلى الله عليه وآله: " إذا أراد الله بعبد خيرا جعل له واعظا من قلبه " وبقوله صلى الله عليه وآله: " من كان له من قلبه واعظ كان عليه من الله حافظ " وهذا القلب هو الذي يستقر فيه الذكر قال الله تعالى: " الا بذكر الله تطمئن القلوب " (2).
وأما الآثار المذمومة فإنها مثل دخان مظلم يتصاعد إلى مرآة القلب، ولا يزال يتراكم عليه مرة بعد أخرى إلى أن يسود ويظلم، ويصير بالكلية محجوبا