في شرار الناس من كل جنس والكبر رداء الله، فمن نازع الله عز وجل رداءه لم يزده الله إلا سفالا، إن رسول الله صلى الله عليه وآله مر في بعض طرق المدينة، وسوداء تلقط السرقين فقيل لها: تنحي عن طريق رسول الله صلى الله عليه وآله فقالت: إن الطريق لمعرض، فهم بها بعض القوم أن يتناولها، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: دعوها فإنها جبارة (1).
بيان: قوله عليه السلام " قد يكون " أقول: يحتمل أن يكون " قد " للتحقيق وإن كان في المضارع قليلا كما قيل في قوله تعالى: " قد يعلم ما أنتم عليه " (2) قال الزمخشري: دخل " قد " لتوكيد العلم، ويرجع ذلك إلى توكيد الوعيد وقيل: هو للتقليل باعتبار قيد " من كل جنس " وقوله: " من كل جنس " أي من كل صنف من أصناف الناس، وإن كان دنيا، أو من كل جنس من أجناس سبب التكبر من الأسباب التي أشرنا إليها سابقا والأول أظهر كما يومئ إليه قصة السوداء.
" والكبر رداء الله " قال في النهاية: في الحديث قال الله تبارك وتعالى: العظمة إزاري والكبرياء ردائي، ضرب الإزار والرداء مثلا ف انفراده بصفة العظمة والكبرياء أي ليستا كسائر الصفات التي قد يتصف بها الخلق مجازا، كالرحمة والكرم وغيرهما وشبههما بالإزار والرداء لان المتصف بهما يشملانه كما يشمل الرداء [والإزار] الانسان و لأنه لا يشاركه في ردائه وإزاره أحد، فكذلك الله لا ينبغي أن يشركه فيهما أحد، ومثله الحديث الاخر تأزر بالعظمة، وتردى بالكبرياء، وتسربل بالعز انتهى.
قال بعض شراح صحيح مسلم: الإزار الثوب الذي يشد على الوسط والرداء الذي يمد على الكتفين، وقال محيي الدين: وهما لباس، واللباس من خواص الأجسام، وهو سبحانه ليس بجسم، فهما استعارة للصفة التي هي العظمة والعزة، ووجه الاستعارة أن هذين الثوبين لما كانا مختصين بالناس، ولا