بعد ذكر هذه الآية: فسميت دعاءك عبادة، وتركه استكبارا، وتوعدت على تركه دخول جهنم داخرين.
" فبئس مثوى المتكبرين " (1).
" فاستكبروا " (2) اي فتعظموا فيها على أهلها بغير استحقاق، واغتروا بقوتهم وشوكتهم " هو أشد نهم قوة " أي قدرة " وكانوا بآياتنا يجحدون " اي يعرفون أنها حق وينكرونها.
" ثم أدبر " (3) [أي] عن الحق " واستكبر " عن اتباعه و " يؤثر " أي يروى ويتعلم.
1 - الكافي: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن أبان، عن حكيم قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن أدنى الالحاد، قال: إن الكبر أدناه (4).
بيان: قال الراغب: ألحد فلان مال عن الحق، والالحاد ضربان: إلحاد إلى الشرك بالله، وإلحاد إلى الشرك بالأسباب، فالأول ينافي الايمان ويبطله والثاني يوهن عراه ولا يبطله، ومن هذا النحو قوله عز وجل " ومن يرد فيه بالحاد بظلم نذقه من عذاب أليم " (5).
وقال: الكبر الحالة التي يتخصص بها الانسان من إعجابه بنفسه وذلك أن يرى الانسان نفسه أكبر من غيره، وأعظم التكبر التكبر على الله عز وجل بالامتناع من قبول الحق، والاذعان له بالعبادة، والاستكبار يقال على وجهين: أحدهما أن يتحرى الانسان ويطلب أن يصير كبيرا وذلك متى كان على ما يجب وفي المكان الذي يجب وفي الوقت الذي يجب فمحمود، والثاني أن يتشبع فيظهر من نفسه ما ليس له، وهذا