استنكف أن يرد عليه، وإن وعظ أنف من القبول، وإن وعظ عنف في النصح وإن رد عليه شئ من قوله غضب، وإن علم لم يرفق بالمتعلمين واستذلهم وانتهرهم وامتن عليهم واستخدمهم وينظر إلى العامة كما ينظر إلى الحمير استجهالا لهم، واستحقارا.
والأعمال الصادرة من الكبر أكثر من أن تحصى، فهذا هو الكبر وآفته عظيمة، وفيه يهلك الخواص والعوام وكيف لا تعظم آفته، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله:
لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر.
وإنما صار حجابا عن الجنة لأنه يحول بين المرء وبين أخلاق المؤمنين كلها، وتلك الأخلاق هي أبواب الجنة، والكبر وعز النفس تغلق تلك الأبواب كلها لأنه مع تلك الحالة لا يقدر على حبه للمؤمنين ما يحب لنفسه، ولا على التواضع وهو رأس أخلاق المتقين، ولا على كظم الغيظ، ولا على ترك الحقد ولا على الصدق ولا على ترك الحسد والغضب، ولا على النصح اللطيف، ولا على قبوله ولا يسلم من الازراء بالناس واغتيابهم، فما من خلق ذميم إلا وصاحب الكبر والعز مضطر إليه ليحفظ به عزه، وما من خلق محمود إلا وهو عاجز عنه، خوفا من أن يفوته عزه، فعن هذا لم يدخل الجنة.
وشر أنواع الكبر ما يمنع من استفادة العلم وقبول الحق والانقياد له وفيه وردت الآيات التي فيها ذم المتكبرين كقوله سبحانه: " وكنتم عن آياته تستكبرون " (1) وأمثالها كثيرة، ولذلك ذكر رسول الله صلى الله عليه وآله جحود الحق في حد الكبر، والكشف عن حقيقته وقال: من سفه الحق وغمص الناس.
ثم اعلم أن المتكبر عليه هو الله أو رسله أو ساير الخلق، فهو بهذه الجهة ثلاثة أقسام الأول التكبر على الله، وهو أفحش أنواعه ولا مثار له إلا الجهل المحض والطغيان، مثل ما كان لنمرود وفرعون.
الثاني التكبر على الرسل والأوصياء عليهم السلام كقولهم: " أنؤمن لبشرين