بيان: يقال: ناجيته اي ساررته " عمن ملكتك عليه " أي من العبيد والإماء أو الرعية أو الأعم، وهو أولى، وغضب الخلق ثوران النفس وحركتها بسبب تصور المؤذي والضار إلى الانتقام والمدافعة، وغضب الخالق عقابه التابع لعلمه بمخالفة أوامره ونواهيه وغيرهما، وفيه إشارة إلى نوع من معالجة الغضب وهو أن يذكر الانسان عند غضبه على الغير غضبه تعالى عليه، فان ذلك يبعثه على الرضا والعفو طلبا لرضاه سبحانه وعفوه لنفسه.
29 - الكافي: عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمد بن عبد الحميد، عن يحيى بن عمرو، عن عبد الله بن سنان قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: أوحى الله عز وجل إلى بعض أنبيائه: يا ابن آدم اذكرني في غضبك أذكرك في غضبي، لا أمحقك فيمن أمحق، وارض بي منتصرا فان انتصاري لك خير من انتصارك لنفسك (1).
بيان: المراد بذكره له تعالى ذكر قدرته سبحانه عليه وعقابه وبذكر الله له ذكر عفوه عن أخيه، فيعفو عن زلاته ومعاصيه، جزاء بما صنع وقوله: " لا أمحقك " بالجزم بدل من أذكرك والمحق هنا إبطال عمله وتعذيبه، ومحو ذكره أو إحراقه، في القاموس محقه كمنعه أبطله ومحاه كمحقه فتمحق وامتحق وامحق كافتعل والله الشئ ذهب ببركته والحر الشئ أحرقه، وفي النهاية المحق النقص والمحو والابطال، والانتصار الانتقام، ولما كان الغرض من إمضاء الغضب غالبا هو الانتقام من الظالم، رغب سبحانه في تركه بأني منتقم من الظالم لك وانتقامي خير من انتقامك، والخيرية من وجوه شتى:
الأول أن انتقامه على قدر قدرته وانتقامه سبحانه أشد وأبقى، الثاني أن انتقامه يفوت ثوابه، وانتقامه تعالى لا يفوته، الثالث أن انتقامه يمكن أن يتعدى إلى مالا يستحقه فيعاقب عليه، الرابع أن انتقامه يؤدي غالبا إلى المفاسد الكلية والجزئية بانتهاض الخصم للمعادات بخلاف انتقامه تعالى.
30 - الكافي: أبو علي الأشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن ابن فضال، عن