في بضائعهم، وبين الدهاقين في أراضيهم، وبين المتجملين في لباسهم وخيولهم ومراكبهم، فيستحقر الغني الفقير ويتكبر عليه، ومن ذلك تكبر قارون.
السادس الكبر بالقوة وشدة البطش والتكبر به على أهل الضعف.
السابع التكبر بالاتباع والأنصار والتلاميذ والغلمان والعشيرة والأقارب والبنين، ويجري ذلك بين الملوك في المكاثرة في الجنود، وبين العلماء بالمكاثرة بالمستفيدين، وبالجملة فكل ما هو نعمة وأمكن أن يعتقد كمالا وإن لم يكن في نفسه كمالا أمكن أن يتكبر به، حتى أن المخنث ليتكبر على أقرانه بزيادة قدرته ومعرفته في صفة المخنثين لأنه يرى ذلك كمالا فيفتخر به، وإن لم يكن فعله إلا نكالا.
وأما بيان البواعث على التكبر، فاعلم أن الكبر خلق باطن، وأما ما يظهر من الأخلاق والأعمال، فهو ثمرتها ونتيجتها، وينبغي أن يسمى تكبرا و يخص اسم الكبر بالمعنى الباطن الذي هو استعظام النفس ورؤية قدر لها فوق قدر الغير، وهذا الباب [الباطن] له موجب واحد، وهو العجب، فإنه إذا أعجب بنفسه وبعلمه وعمله أو بشئ من أسبابه، استعظم نفسه وتكبر، وأما الكبر الظاهر فأسبابه ثلاثة، سبب في المتكبر وسبب في المتكبر عليه، وسبب يتعلق بغيرهما، أما السبب الذي في المتكبر فهو العجب، والذي يتعلق بالمتكبر عليه فهو الحقد والحسد، والذي يتعلق بغيرهما هو الرياء، فالأسباب بهذا الاعتبار أربعة العجب والحقد والحسد والرياء.
أما العجب فقد ذكرنا أنه يورث الكبر الباطن، والكبر الباطن يثمر التكبر الظاهر، في الأعمال والأقوال والافعال.
وأما الحقد فإنه قد يحمل على التكبر من غير عجب، ويحمله ذلك على رد الحق إذا جاء من جهته، وعلى الانفة من قبول نصحه، وعلى ان يجتهد في التقدم عليه، وإن علم أنه لا يستحق ذلك.
وأما الحسد فإنه يوجب البغض للمحسود، وإن لم يكن من جهته إيذاء