مثلنا " (1) " ولئن أطعتم بشرا مثلكم إنكم إذا لخاسرون " (2) " وقالوا لولا أنزل علينا الملائكة أو نرى ربنا لقد استكبروا في أنفسهم وعتوا عتوا كبيرا " (3) وهذا قريب من التكبر على الله عز وجل، وإن كان دونه، ولكنه تكبر عن قبول أمر الله.
الثالث التكبر على العباد، وذلك بأن يستعظم نفسه، ويستحقر غيره فتأبى نفسه عن الانقياد لهم، وتدعوه إلى الترفع عليهم، فيزدريهم ويستصغرهم ويأنف عن مساواتهم، وهذا وإن كان دون الأول والثاني فهو أيضا عظيم من وجهين:
أحدهما أن الكبر [والعزة والعظمة لا يليق إلا بالمالك القادر فأما العبد الضعيف الذليل المملوك العاجز الذي لا يقدر على شئ، فمن أين يليق به الكبر] (4) فمهما تكبر العبد فقد نازع الله تعالى في صفة لا تليق إلا بجلاله، وإلى هذا المعنى الإشارة بقوله تعالى " العظمة إزاري والكبرياء ردائي فمن نازعني فيهما قصمته " اي أنه خاص صفتي ولا يليق إلا بي، والمنازع فيه منازع في صفة من صفاتي، فإذا كان التكبر على عباده لا يليق إلا به، فمن تكبر على عباده فقد جنى عليه، إذ الذي استرذل خواص غلمان الملك، ويستخدمهم ويترفع عليهم، ويستأثر بما حق الملك أن يستأثر به منهم، فهو منازع له في بعض أمره وإن لم يبلغ درجته درجة من أراد الجلوس على سريره، والاستبداد بملكه، كمدعي الربوبية.
والوجه الثاني أنه يدعو إلى مخالفة الله تعالى في أوامره، لان المتكبر إذا سمع الحق من عبد من عباد الله، استنكف عن قبوله، ويتشمر بجحده، و لذلك ترى المناظرين في مسائل الدين يزعمون أنهم يتباحثون عن اسرار الدين