الناس " (1) يعني حمزة " كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها " يعني أبا جهل وسر رسول الله صلى الله عليه وآله باسلامه سرورا كثيرا لأنه كان أعز فتى في قريش، وأشدهم شكيمة، ومن لما عرفت قريش أن رسول الله صلى الله عليه وآله قد عز كفوا عن بعض ما كانوا ينالون منه وأقبلوا على بعض أصحابه بالأذية سيما المستضعفين منهم الذين لا جوار لهم انتهى.
5 - الكافي: عنه، عن أبيه، عن فضالة، عن داود بن فرقد، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن الملائكة كانوا يحسبون أن إبليس منهم، وكان في علم الله أنه ليس منهم فاستخرج ما في نفسه بالحمية والغضب فقال: " خلقتني من نار وخلقته من طين " (2).
بيان: " كانوا يحسبون أن إبليس منهم " أي في طاعة الله، وعدم العصيان لمواظبته على عبادة الله تعالى في أزمنة متطاولة، ولم يكونوا يجوزون أنه يعصي الله ويخالفه في أمره، لبعد عدم علم الملائكة بأنه ليس منهم بعد أن أسروه من بين الجن ورفعوه [إلى السماء، فهو من قبيل قولهم عليهم السلام: " سلمان منا أهل البيت " ويمكن أن يكون المراد كونه من جنسهم، ويكون ذلك الحسبان لمشاهدتهم تباين أخلاقه ظاهرا] (3) للجن، وتكريم الله تعالى له وجعله بينهم بل رئيسا على بعضهم كما قيل فظنوا أنه كان منهم وقع بين الجن أو يقال كان الظان جمع من الملائكة لم يطلعوا على بدو أمره. " فاستخرج ما في نفسه " أي أظهر إبليس ما في نفسه اي أخذته الحمية والأنفة والعصبية، وافتخر وتكبر على آدم بأن أصل آدم من طين، وأصله من نار، والنار أشرف من الطين، وأخطأ في ذلك بجهات شتى:
منها أنه إنما نظر إلى جسد آدم ولم ينظر إلى روحه المقدسة التي أودع الله فيها غرائب الشؤون، وقد ورد ذلك في الاخبار، ومنها أن ما ادعاه من شرافة النار وكونه أعلى من الطين في محل المنع، فان الطين لتذلله منبع لجميع الخيرات ومنشأ لجميع الحبوب والرياحين والثمرات، والنار لرفعتها واشتعالها يحصل منها جميع