من رحمته، وله عذاب أليم.
وأقول: يحتمل أن لا يكون تخصيص الملك لكون الصارف فيه أكثر، بل لكونه أقوى على الظلم وأقدر.
وفي الصحاح أقل افتقر، وقال الراغب: الخيلاء التكبر عن تخيل فضيلة تراءت للانسان من نفسه، ومنها يتأول لفظ الخيل، لما قيل: إنه لا يركب أحد فرسا إلا وجد في نفسه نخوة (1)، وفي النهاية: فيه من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه، الخيلاء بالضم والكسر الكبر والعجب، يقال: اختال فهو مختال وفيه خيلاء ومخيلة أي كبر.
15 - الكافي: عن العدة، عن أحمد بن محمد، عن مروك بن عبيد، عمن حدثه عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن يوسف عليه السلام لما قدم عليه الشيخ يعقوب عليه السلام دخله عز الملك فلم ينزل إليه، فهبط عليه جبرئيل فقال: يا يوسف ابسط راحتك فخرج منها نور ساطع، فصار في جو السماء، فقال يوسف عليه السلام: ما هذا النور الذي خرج من راحتي؟ فقال: نزعت النبوة عن عقبك، عقوبة لما لم تنزل إلى الشيخ يعقوب، فلا يكون من عقبك نبي (2).
بيان: الملك بضم الميم وسكون اللام السلطنة، وبفتح الميم وكسر اللام السلطان، وبكسر الميم وسكون اللام ما يملك وإضافة العز إليه لامية، والنزول إما عن الدابة أو عن السرير، وكلاهما مرويان، وينبغي حمله على أن ما دخله لم يكن تكبرا أو تحقيرا لوالده، لكون الأنبياء منزهين عن أمثال ذلك، بل راعى فيه المصلحة لحفظ عزته عند عامة الناس، لتمكنه من سياسة الخلق، وترويج الدين، إذ كان نزول الملك عندهم لغيره موجبا لذلة، وكان رعاية الأدب للأب مع نبوته ومقاساة الشدايد لحبه أهم وأولى من رعاية تلك المصلحة، فكان هذا منه عليه السلام تركا للأولى، فلذا عوتب عليه، وخرج نور النبوة من صلبه، لأنهم لرفعة شأنهم وعلو درجتهم يعاتبون بأدنى شئ، فهذا كان شبيها بالتكبر، ولم