الغضب عن النفس، وإرخاء عنان النفس فيها، ينجر إلى الكفر أحيانا، أو غالبا كما نرى من كثير من الناس يصدر منهم عند الغضب التلفظ بما يوجب الكفر من سب الله سبحانه وسب الأنبياء والأئمة عليهم السلام أو ارتكاب أعمال يوجب الارتداد كوطي المصحف الكريم بالرجل ورميه.
الثاني أن يراد به الحث على ترك البوادر مطلقا، فان كل بادرة تصير سببا لنوع من أنواع الكفر المقابل للايمان الكامل.
الثالث: أن يقرء " فتكفر " على بناء المجهول من باب التفعيل، اي البوادر عند الغضب مكفرة غالبا لعذر الانسان فيه في الجملة، لا سيما إذا تعقبها ندامة وقلما لم تتعقبها، بخلاف الحسد فإنها صفة راسخة في النفس تأكل الايمان، ويمكن حملها حينئذ على ما إذا غلب عليه الغضب بحيث ارتفع عنه القصد] (1).
ويمكن أن يقرء بالياء كما في النسخ على هذا البناء أيضا اي ينسب إلى الكفر، وإن كان معذورا عند الله، لرفع الاختيار، فيكون ذكرا لبعض مفاسد البادرة.
وفي النهاية: الحسد ان يرى الرجل لأخيه نعمة فيتمنى زوالها عنه، وتكون له دونه، والغبطة أن يتمنى أن يكون له مثلها، ولا يتمنى زوالها عنه انتهى.
واعلم أنه لا حسد إلا على نعمة، فإذا أنعم الله على أخيك بنعمة فلك فيها حالتان إحداهما أن تكره تلك النعمة وتحب زوالها، سواء أردت وصولها إليك أم لا، فهذه الحالة تسمى حسدا والثانية أن لا تحب زوالها، ولا تكره وجودها ودوامها، ولكنك تشتهي لنفسك مثلها، وهذه يسمى غبطة، وقد يخص باسم المنافسة فأما الأول فهو حرام مطلقا كما هو المشهور، أو إظهاره كما يظهر من بعض الأخبار ، إلا نعمة أصابها كافر أو فاجر، وهو يستعين على تهييج الفتنة، وإفساد ذات البين، وإيذاء الخلق فلا يضرك كراهتك لها، ومحبتك لزوالها، فإنك لا تحب