من فساد الزمان وأهله لأنهم لسوء عقائدهم يظنون أن الغنا إنما يحصل بغصب أموال الناس والبخل في حقوق الله والخلق، مع أنه لا يتوقف على ذلك، بل الأمانة وأداء الحقوق أدعى إلى الغنا لأنه بيد الله أو لأنه لفسق أهل الزمان منع الله عنهم البركات فلا يحصل الغنا إلا بهما " ولا المحبة " أي جلب محبة الناس " إلا باستخراج الدين " أي طلب خروج الدين من القلب أو بطلب خروجهم من الدين " واتباع الهوى " أي الأهواء النفسانية أو أهوائهم الباطلة، وذلك لان أهل تلك الأزمنة لفسادهم لا يحبون أهل الدين والعبادة، فمن طلب مودتهم لابد من خروجه من الدين، ومتابعتهم في الفسوق " وصبر على البغضة " أي بغضة الناس له لعدم اتباعه أهواءهم " وصبر على الذل " كأنه ناظر إلى نيل الملك فالنشر ليس على ترتيب اللف فالمراد بالعز هنا الملك والاستيلاء، أو المراد بالملك هناك مطلق العز والرفعة، ويحتمل أن تكون الفقرتان الأخيرتان ناظرتين إلى الفقرة الأخيرة، ولم يتعرض للأولى لكون الملك عزيز المنال لا يتيسر لكل أحد، والأول أظهر وفي جامع الأخبار الرواية هكذا وقال أمير المؤمنين (عليه السلام): إنه سيكون زمان لا يستقيم لهم الملك إلا بالقتل والجور، ولا يستقيم لهم الغنا إلا بالبخل ولا يستقيم لهم الصحبة في الناس إلا باتباع أهوائهم والاستخراج من الدين، فمن أدرك ذلك الزمان فصبر على الفقر وهو يقدر على الغنا، وصبر على الذل وهو يقدر على العز، وصبر على بغضة الناس وهو يقدر على المحبة أعطاه الله ثواب خمسين صديقا 10 - الكافي: عن العدة، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن إسماعيل بن مهران عن درست بن أبي منصور، عن عيسى بن بشير، عن أبي حمزة قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): لما حضرت أبي علي بن الحسين (عليهما السلام) الوفاة ضمني إلى صدره وقال: يا بنى أوصيك بما أوصاني به أبي حين حضرته الوفاة وبما ذكر أن أباه
(٧٦)