الكلام من فضة، فان السكوت من ذهب (1) تبيين: يدل على أن السكوت أفضل من الكلام، وكأنه مبني على الغالب وإلا فظاهر أن الكلام خير من السكوت في كثير من الموارد، بل يجب الكلام و يحرم السكوت عند إظهار أصول الدين وفروعه، والامر بالمعروف والنهي عن المنكر، ويستحب في المواعظ والنصايح، وإرشاد الناس إلى مصالحهم وترويج العلوم الدينية، والشفاعة للمؤمنين، وقضاء حوائجهم وأمثال ذلك، فتلك الأخبار مخصوصة بغير تلك الموارد أو بأحوال عامة الخلق فان غالب كلامهم إنما هو فيما لا يعنيهم، أو هو مقصور على المباحات وقد مر في كتاب العقل (2) في حديث هشام أن أمير المؤمنين (عليه السلام) كان يقول: إن من علامة العاقل أن يكون فيه ثلاث خصال يجيب إذا سئل، وينطق إذا عجز القوم عن الكلام، ويشير بالرأي الذي فيه صلاح أهله، فمن لم يكن فيه من هذه الخصال الثلاث شئ فهو أحمق 71 - الكافي: عن علي، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن الحلبي رفعه قال:، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أمسك لسانك فإنها صدقة تصدق بها على نفسك، ثم قال: ولا يعرف عبد حقيقة الايمان حتى يخزن من لسانه (3) بيان: " فإنها " أي الامساك والتأنيث بتأويل الخصلة أو الفعلة أو الصفة أي صفة أنه صدقة أو باعتبار تأنيث الخبر، وتشبيه الامساك بالصدقة على النفس باعتبار أنه ينفعها في الدنيا والآخرة كما أن الصدقة تنفع الفقير وباعتبار أنه معط يدفع عنه البلايا، ويوجب قربه من الحق كالصدقة، فالتشبيه كامل من الجهتين " ولا يعرف عبد " الخ أشار (عليه السلام) بذلك إلى أن الايمان لا يكمل إلا باستقامة اللسان على الحق، وخزنه عن الباطل، كالغيبة والنميمة والقذف والشتم والكذب والزور والفتوى بغير الحق والقول بالرأي وأشباهها من الأمور التي نهى
(٢٩٨)