علي (عليهما السلام) في أغيلمة من بني هاشم وقد اجتمعوا هناك فنظر جابر بن عبد الله إليه مقبلا فقال: هذه مشية رسول الله وسجيته فمن أنت يا غلام؟ فقال: أنا محمد بن علي بن الحسين، فبكى جابر وقال: أنت والله الباقر عن العلم حقا ادن مني بأبي أنت فدنا منه فحل جابر أزراره ثم وضع يده على صدره فقبله، وجعل عليه خده وجهه، وقال: أقرئك عن جدك رسول الله السلام وقد أمرني أن أفعل بك ما فعلت، وقال لي: يوشك أن تعيش وتبقى حتى تلقى من ولدي من اسمه محمد بن علي يبقر العلم بقرا وقال: إنك تبقى حتى تعمى، ويكشف لك عن بصرك، ثم قال له: ائذن لي على أبيك علي بن الحسين (عليهما السلام) فدخل أبو جعفر إلى أبيه (عليهما السلام) وأخبره الخبر وقال: إن شيخا بالباب وقد فعل بي كيت كيت، فقال: يا بنى ذاك جابر بن عبد الله، ثم قال: من بين ولدان أهلك قال لك ما قاله وفعل بك ما فعله؟ قال: نعم، قال: إنا لله.. إنه لم يقصدك فيه بسوء ولقد أشاط بدمك ثم أذن لجابر فدخل عليه فوجده في محرابه قد أنضته العبادة فنهض علي وسأله عن حاله سؤالا حثيثا ثم أجلسه فأقبل جابر عليه يقول له يا ابن رسول الله ما هذا الجهد الذي كلفته نفسك أما علمت أن الله إنما خلق الجنة لكم ولمن أحبكم وخلق النار لمن أبغضكم (وعاداكم) فقال له علي بن الحسين (عليهما السلام): يا صاحب رسول الله أما علمت أن جدي رسول الله قد غفر الله ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فلم يدع الاجتهاد، وقد تعبد بأبي هو وأمي حتى انتفخ الساق وورم القدم، فقيل له أتفعل هذا وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ فقال: أفلا أكون عبدا شكورا فلما نظر جابر إلى علي بن الحسين (عليهما السلام) وأنه ليس يغني فيه قول من يستميله من الجهد والتعب إلى القصد، قال له يا ابن رسول الله البقاء على نفسك، فإنك من أسرة بهم يستدفع البلاء، ويكشف اللاواء، وبهم يستمطر السماء، فقال: يا جابر لا أزال على منهاج آبائي صلوات الله عليهم حتى ألقاهم فأقبل جابر على من حضر وقال: والله ما رئي من أولاد الأنبياء مثل علي بن الحسين صلوات الله عليهما إلا يوسف
(١٨٦)