أمر لا تحيله العقول ولا تبطله الدلائل، وأن الاصرار على الانكار ليس إلا من نتيجة الجهل وقلة الفطنة.
ولما ثبت أن القول بالشياطين ممكن في الجملة فنقول: الأخلق والأولى أن يقال: الملائكة على هذا القول مخلوقون من النور وأن الشياطين مخلوقون من الدخان واللهب كما قال تعالى: " والجان خلقناه من قبل من نار السموم (1) " وهذا الكلام من المشهورات عند قدماء الفلاسفة فكيف يليق بالعاقل أن يستبعده من صاحب شريعتنا صلوات الله عليه؟ انتهى (2).
وقال البيضاوي: " فلا تلوموني " بوسوستي فان من صرح العداوة لايلام بأمثال ذلك " ولوموا أنفسكم " حيث أطعتموني إذ دعوتكم، ولم تطيعوا ربكم لما دعاكم " ما أنا بمصرخكم " بمغيثكم من العذاب " وما أنتم بمصرخي " بمغيثي " إني كفرت بما أشركتمون من قبل " ما إما مصدرية وهي متعلقة بأشركتموني، أي كفرت اليوم باشراككم إياي من قبل هذا اليوم، أي في الدنيا بمعنى تبرأت منه واستكبرته (3) كقوله تعالى: " ويوم القيامة يكفرون بشرككم " أو موصولة بمعنى " من " ومن متعلقة بكفرت أي كفرت بالذي أشركتمونيه وهو الله تعالى بطاعتكم إياي فيما دعوتكم إليه من عبادة الأصنام وغيرها من قبل اشراككم حين رددت أمره بالسجود لآدم.
وأشرك: منقول من شركت زيدا للتعدية إلى مفعول ثان " إن الظالمين " تتمة كلامه أو ابتداء كلام من الله (4).
وقال في قوله سبحانه: " وحفظناها من كل شيطان رجيم ": فلا يقدر أن يصعد إليها ويوسوس أهلها ويتصرف في أمرها ويطلع على أحوالها " إلا من استرق السمع " بدل من " كل شيطان " واستراق السمع: اختلاسه سرا، شبه به خطفتهم اليسيرة من قطان