الوسوسة أسهل منه حال وجودها إلا أنه على هذا التقدير تصير وسوسته سببا لزيادة المشقة في أداء الطاعات، وذلك لا يمنع الحكيم من فعله كما أن إنزال المشاق والمشتبهات سبب الشبهات (1)، ومع ذلك فلم يمتنع فعله فكذا ههنا، وهذان الطريقان هما بعينهما الجواب عن السؤال الثاني (2).
" إلا عبادك منهم المخلصين " استثناهم لأنه علم أن كيده لا يعمل فيهم.
وقرأ ابن كثير وابن عامر بكسر اللام والباقون بالفتح، فعلى الأول أي الذين أخلصوا دينهم وعبادتهم من كل شائب يناقض الايمان والتوحيد، وعلى الثاني معناه الذين أخلصهم الله بالهداية والايمان.
" هذا صراط علي مستقيم " فيه وجوه:
الأول: أن إبليس لما قال: " إلا عبادك منهم المخلصين " فلفظ " المخلصين " يدل على الاخلاص فقوله " هذا " عائد إليه، والمعنى أن الاخلاص طريق علي وإلى أي يؤدي إلى كرامتي، وقال الحسن: معناه هذا صراط إلي مستقيم، وقال آخرون:
هذا صراط من مر عليه، فكأنه مر على رضواني وكرامتي، وهو كما يقال: طريقك علي.
الثاني: أن الاخلاص طريق العبودية، فقوله: " هذا صراط علي مستقيم " أي هذا الطريق في العبودية طريق على مستقيم قال بعضهم: لما ذكر أن إبليس يغوي بني آدم إلا من عصمه الله بتوفيقه تضمن هذا الكلام تفويض الأمور إلى الله تعالى وإلى إرادته، فقال تعالى " هذا صراط علي " أي تفويض الأمور إلى إرادتي " طريق مستقيم ".
" إن عبادي ليس لك عليهم سلطان " اعلم أن إبليس لما قال: " لأزينن لهم في الأرض إلا عبادك (3) منهم المخلصين " أو هم هذا الكلام أن له سلطانا على عباد الله الذين لا يكونون من المخلصين، فبين الله تعالى أنه ليس له سلطان على أحد من عبيد الله سواء كانوا