امرأتك؟ فعصاه فقاتل.
فهذا الخبر يدل على أن الشيطان لا يترك جهة من جهات الوسوسة إلا ويلقيها في القلب.
فان قيل: فلم لم يذكر من فوقهم ومن تحتهم؟
قلنا: أما في التحقيق فقد ذكرنا أن القوى التي يتولد منها ما يوجب تفوت (1) السعادات الروحانية فهي موضوعة في هذه الجوانب الأربعة.
وأما في الظاهر فيروى أن الشيطان لما قال هذا الكلام: رقت قلوب الملائكة على البشر فقالوا: يا إلهنا كيف يتخلص الانسان من الشيطان مع كونه مستوليا عليه من هذه الجهات الأربع؟ فأوحى الله تعالى إليهم إنه بقي للانسان جهتان: الفوق والتحت، فإذا رفع يديه إلى فوق في الدعاء على سبيل الخضوع أو وضع جبهته على الأرض على سبيل الخشوع غفرت له ذنب سبعين سنة.
وقال في نكتة التعدية " بمن " في الأولين " وبعن " في الآخرين: قد ذكرنا (2) أن المراد من قوله: " من بين أيديهم ومن خلفهم " الخيال والوهم، والضرر الناشي منهما هو حصول العقائد الباطلة وهو الكفر، ومن قوله: " عن أيمانهم وعن شمائلهم " الشهوة والغضب وذلك هو المعصية، ولا شك أن الضرر الحاصل من الكفر لازم لأن عقابه دائم، وأما الضرر الحاصل من المعصية فسهل لأن عقابه منقطع، فلهذا السبب خص هذين القسمين بكلمة " عن " تنبيها على أن هذين القسمين في اللزوم والاتصال دون القسم الأول.
وقال في وجه معرفة إبليس كون أكثرهم غير شاكرين: إنه جعل للنفس تسع (3)