الناس لضرب من الامتحان (1).
وقال الرازي في قوله تعالى: " وإذ زين لهم الشيطان أعمالهم " في كيفية هذا التزيين وجهان:
الأول: أن الشيطان زين بوسوسته من غير أن يتحول في صورة انسان، وهو قول الحسن والأصم.
الثاني: أنه ظهر في صورة انسان، قالوا: إن المشركين حين أرادوا المسير إلى بدر خافوا من بني بكر بن كنانة لأنهم كانوا قتلوا منهم واحدا فلم يأمنوا أن يأتوهم من ورائهم، فتصور لهم إبليس بصورة سراقة بن مالك بن جعشم من بني بكر بن كنانة و كان من أشرافهم في جند من الشياطين ومعه راية وقال: لا غالب لكم اليوم من الناس وإني مجيركم من بني كنانة، ولما رأى إبليس الملائكة تنزل نكص (2).
وقيل: كانت يده في يد الحارث بن هشام فلما نكص قال له الحارث: أتخذلنا في هذه الحال؟ " فقال إني أرى ما لا ترون " ودفع في صدر الحارث وانهزموا، وفي هذه القصة سؤالات:
الأول: ما الفائدة في تغيير صورة إبليس إلى صورة سراقة؟
والجواب: فيه معجزة عظيمة للرسول، وذلك لان كفار قريش لما رجعوا إلى مكة قالوا: هزم الناس سراقة فقال: (3) ما شعرت بمسيركم حتى بلغتني هزيمتكم فعند ذلك تبين للقوم أن ذلك الشخص ما كان سراقة بل كان شيطانا.
الثاني: أنه تعالى لما غير صورته إلى صورة البشر فما بقي شيطانا بل صار بشرا.
والجواب: لا نسلم فان الانسان إنما كا إنسانا بجوهر نفسه الناطقة، ونفوس الشياطين مخالفة لنفوس البشر، فلم يلزم من تغيير الصورة تغيير الحقيقة، وهذا الباب أحد الدلائل السمعية على أن الانسان ليس انسان بحسب بنيته الظاهرة وصورته