إدراكا، والانس لا يرونهم لأنه تعالى لم يخلق هذا الادراك في عيون الانس، وقالت المعتزلة: الوجه في أن الانس لا يرون الجن لرقة أجسام الجن (1) ولطافتها والوجه في رؤية الجن للانس كثافة أجسام الانس، والوجه في أن يرى بعض الجن بعضا، أن الله تعالى يقوى شعاع أبصار الجن ويزيد فيه، ولو زاد الله في قوة (2) بصرنا لرأيناهم كما يرى بعضهم بعضا، ولو أنه تعالى كثف أجسامهم وبقيت أبصارنا على هذه الحالة لرأيناهم.
فعلى هذا كون الانس مبصرا للجن موقوف عند المعتزلة إما على ازدياد كثافة أجسام الجن، أو على ازدياد قوة أبصار الانس، وقوله تعالى: " من حيث لا ترونهم " يدل على أن الانس لا يرون الجن، لأن قوله: " من حيث لا ترونهم " يدل على أن الانس لا يرون الجن، لأن قوله: " من حيث لا ترونهم " يتناول أوقات الاستقبال من غير تخصيص، قال بعض العلماء: لو قدر الجن على تغير (3) صور أنفسهم بأي صورة شاؤوا أو أرادوا لوجب أن ترتفع الثقة عن معرفة الناس، فلعل هذا الذي نشاهده وحكم (4) عليه بأنه ولدي أو زوجتي جني صور نفسه بصورة ولدي أو زوجتي.
وعلى هذا التقدير يرتفع الوثوق عن معرفة الاشخاص، وأيضا فلو كانوا قادرين على تخبيط الناس وإزالة العقل مع أنه تعالى بين العداوة الشديدة بينهم وبين الانس فلم لا يفعلون ذلك في حق أكثر البشر وفي حق العلماء والأفاضل والزهاد؟ لأن هذه العداوة بينهم وبين العلماء والزهاد أكثر وأقوى، ولما لم يوجد شئ من ذلك ثبت أنه لا قدرة لهم على البشر بوجه من الوجوه، ويتأكد هذا بقوله: " ما كان لي عليكم