واحدة كحركة السفينة إذا كانت سائرة من غير اضطراب، وأما إذا تحركت في جهات مختلفة واضطربت فيحس بها كحركة السفينة عند تلاطم البحر واضطرابه، وهذا هو الفرق بين حالة الزلزلة وبين حركة الأرض في الظهور وعدمه، فأنا لو فرضنا قطعة منها سائرة غير مضطربة في سيرها لما أحس بها كما لا يحس بحركة كلها بل باضطراب الحركة وكونها في جهات مختلفة تحس الحركة، سواء كان محلها كل الأرض أو بعضها.
الوجه الثاني: ما ذكره الفاضل المقدم ذكره أيضا في تفسيره واختاره حيث قال: والذي عندي في هذا الموضع المشكل أن يقال: إنه ثبت بالدلائل اليقينية أن الأرض كرة وأن هذه الجبال على سطح هذه الكرة جارية مجرى خشونات وتضريسات تحصل على وجه هذه الكرة. إذا ثبت هذا فنقول: إذا فرضنا أن هذه الخشونات ما كانت حاصله بل كانت الأرض كرة حقيقية خالية عن هذه الخشونات والتضريسات لصارت بحيث تتحرك بالاستدارة بأدنى سبب، لان الجرم البسيط المستدير وإن لم يجب كونه متحركا بالاستدارة عقلا، إلا أنه بأدنى سبب تتحرك على هذا الوجه، أما إذا حصل على سطح كرة الأرض هذه الجبال وكانت كالخشونات الواقعة على وجه الكرة، فكل واحد من هذه الجبال إنما يتوجه بطبعه إلى مركز العالم، وتوجه ذلك الجبل نحو مركز العالم بثقله العظيم وقوته الشديدة يكون جاريا مجرى الوتد الذي يمنع كرة الأرض من الاستدارة، فكان تخليق هذه الجبال على الأرض كالأوتاد المغروزة في الكرة المانعة لها عن الحركة المستديرة، وكانت مانعة للأرض عن الميد والميل والاضطراب بمعنى أنها منعت الأرض عن الحركة المستديرة، فهذا ما وصل إليه خاطري (1) في هذا الباب والله أعلم (2) (انتهى).
واعترض عليه بأن كلامه لا يخلو عن تشويش واضطراب، والذي يظهر من أوائل كلامه هو أنه جعل المناط في استقرار الأرض الخشونات والتضريسات من حيث إنها خشونات وتضريسات، وذلك إما لممانعة الاجزاء المائية الملاصقة لتلك التضريسات