وما يدريك؟ قال: حفظت لغاتهم، فلم يسلم عليه صلى الله عليه وآله ملك إلا بلغة غير لغة صاحبه قال السيد (1):
فظل يعقد بالكفين مستمعا * كأنه حاسب من أهل دارينا (2) أدت إليه بنوع من مفادتها * سفائن الهند معلقن الربابينا (3) قال ابن دأب: " وأهل دارينا " قرية من قرى أهل الشام وأهل الجزيرة (4) وأهلها أحسن قوم.
ثم الفصاحة وثب الناس إليه فقالوا: يا أمير المؤمنين ما سمعنا أحدا قط أفصح منك ولا أعرب كلاما منك، قال: وما يمنعني وأنا مولدي بمكة، قال ابن دأب: فأدركت الناس وهم يعيبون كل من استعان بغير الكلام الذي يشبه الكلام الذي هو فيه ويعتبون (5) الرجل الذي يتكلم ويضرب بيده على بعض جسده أو على الأرض أو يدخل في كلامه ما يستعين به فأدركت الأولى وهم يقولون كان عليه السلام يقوم فيتكلم بالكلام منذ ضحوة إلى أن تزول الشمس، لا يدخل في كلامه غير الذي تكلم به، ولقد سمعوه يوما وهو يقول:
والله ما أتيتكم اختيارا ولكن أتيتكم سوقا (6)، أما والله لتصيرن بعدي سبايا سبايا يغيرونكم ويتغاير بكم، أما والله إن من ورائكم الأدبر لا تبقي ولا تذر، و النهاس الفراس القتال الجموح (7)، يتوارثكم منهم عشرة (8) يستخرجون كنوزكم