بولدي كيف يكون ذلك؟ فقال الإمام عليه السلام: " جاء الحق وزهق الباطل " وما يكون هذا منك قبل هذه الفضيحة، فقالت: يا مولاي خشيت على الميراث، فقال لها: استغفري الله وتوبي إليه، ثم إنه أصلح بينهما وألحق الولد بوالدته وبإرث أبيه (1).
39 - الروضة: روي من فضائله عليه السلام في حديث المقدسي ما يغني سامعه عما سواه وهو ما حكي لنا أنه كان رجل من أهل بيت المقدس ورد إلى مدينة رسول الله صلى الله عليه وآله وهو حسن الشباب (2) حسن الصورة، فزار حجرة النبي صلى الله عليه وآله وقصد المسجد ولم يزل ملازما له مشتغلا بالعبادة، صائم النهار وقائم الليل في زمن خلافة عمر بن الخطاب، حتى كان أعبد الخلق، والخلق تتمنى أن تكون مثله، وكان عمر يأني إليه ويسأله أن يكلفه حاجة، فيقول له المقدسي: الحاجة إلى الله تعالى، ولم يزل على ذلك إلى أن عزم الناس الحج، فجاء المقدسي إلى عمر بن الخطاب وقال:
يا أبا حفص قد عزمت على الحج ومعي وديعة أحب أن تستودعها مني إلى حين عودي من الحج، فقال عمر: هات الوديعة، فأحضر الشاب حقا من عاج عليه قفل من حديد، مختوم بختام الشاب، فتسلمه منه وخرج الشاب مع الوفد، فخرج عمر إلى مقدم الوفد وقال: أوصيك بهذا الغلام، وجعل عمر يودع الشاب، وقال للمقدم على الوافد: استوص به خيرا.
وكان في الوفد امرأة من الأنصار، فما زالت تلاحظ المقدسي وتنزل بقربه حيث نزل، فلما كان في بعض الأيام دنت منه وقالت: يا شاب إني أرق لهذا الجسم الناعم المترف كيف يلبس الصوف؟ فقال لها: يا هذه جسم يأكله الدود ومصيره التراب هذا له كثير، فقالت: إني أغار (3) على هذا الوجه المضيئ تشعثه الشمس فقال لها: يا هذه اتقي الله وكفي فقد شغلني كلامك عن عبادة ربي، فقالت له: