فقال: كم تعطي هذا؟ فقال له أمير المؤمنين عليه السلام: كم أخذت أنت؟ قال: ثلاثة دنانير وكذلك أخذ الناس، قال: فأعطوا مولاه مثل ما أخذ ثلاثة دنانير، فلما عرف الناس أنه لا فضل لبعضهم على بعض إلا بالتقوى عند الله أتى طلحة والزبير عمار بن ياسر وأبا الهيثم بن التيهان فقالا: يا أبا اليقظان استأذن لنا على صاحبك، قال:
وعلي صاحبي إذن قد أخذ بيد أجيره وأخذ مكتله ومسحاته (1) وذهب يعمل في نخلة في بئر الملك وكانت بئر لتبع (2) سميت بئر الملك، فاستخرجها علي بن أبي طالب عليه السلام وغرس عليها النخل، فهذا من عدله في الرعية وقسمه بالسوية.
قال ابن دأب: فقلنا: فما أدنى طعام الرعية؟ فقال: يحدث الناس أنه كان يطعم الخبز واللحم ويأكل الشعير والزيت، ويختم طعامه مخافة أن يزاد فيه، وسمع مقلى (3) في بيته فنهض وهو يقول في ذمة علي بن أبي طالب مقلى الكراكر (4)؟
قال: ففزع عياله وقالوا: يا أمير المؤمنين إنها امرأتك فلانة نحرت جزور في حيها فاخذ لها نصيب منها فأهدى أهلها إليها، قال: فكلوا هنيئا مريئا، قال: فيقال:
إنه لم يشتكي المرأة (5) إلا شكوى الموت، وإنما خاف أن يكون هدية من بعض الرعية، وقبول الهدية لو إلي المسلمين خيانة للمسلمين.
قال: قيل فالصرامة؟ قال: انصرف من حربه فعسكر في النخيلة وانصرف الناس إلى منازلهم واستأذنوه، فقالوا: يا أمير المؤمنين كلت سيوفنا وتنصلت (6)