حمراء الأسد، فقال: بأبي أنت وأمي والله لو حملت على أيدي الرجال ما تخلفت عنك، قال: فنزل القرآن " وكأين من نبي قاتل معه ربيون كثير فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا والله يحب الصابرين (1) " ونزلت الآية فيه قبلها " وما كان لنفس أن تموت إلا بإذن الله كتابا مؤجلا ومن يرد ثواب الدنيا نؤته منها ومن يرد ثواب الآخرة نؤته منها وسنجزي الشاكرين (2) ".
ثم ترك الشكاية في ألم الجراحة، شكت المرأتان (3) إلى رسول الله صلى الله عليه وآله ما يلقى وقالتا: يا رسول الله قد خشينا عليه مما تدخل الفتائل في موضع الجراحات من موضع إلى موضع وكتمانه ما يجد من الألم، قال: فعد ما به من أثر الجراحات عند خروجه من الدنيا فكانت ألف جراحة من قرنه إلى قدمه صلوات الله عليه.
ثم الامر بالمعروف والنهي عن المنكر، قال: خطب الناس فقال: أيها الناس مروا بالمعروف وانهوا عن المنكر، فإن الامر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يقرب أجلا ولا يؤخر رزقا. وذكروا أنه عليه السلام توضأ مع الناس في ميضأة المسجد فزحمه رجل فرمى به، فأخذ الدرة فضربه، ثم قال له: ليس هذا لما صنعت بي ولكن يجيئ من هو أضعف مني فتفعل به مثل هذا فتضمن.
قال: واستظل يوما في حانوت من المطر فنحاه صاحب الحانوت.
ثم إقامة الحدود ولو على نفسه وولده، أحجم الناس (4) عن غير واحد من أهل الشرف والنباهة وأقدم هو عليهم بإقامة الحدود، فهل سمع أحد أن شريفا أقام عليه أحد حدا غيره؟ منهم (5) عبيد الله بن عمر بن الخطاب ومنهم قدامة بن مظعون ومنهم الوليد بن عقبة بن أبي معيط شربوا الخمر فأحجم الناس عنهم وانصرفوا وضربهم بيده حيث خشي أن يبطل الحدود (6).