دعا بالثالث فسأله عما سأل الرجلين، فحكى خلاف ما قالا، وأثبت ذلك عنه، ثم كبر وأمر بإخراجه نحو صاحبيه، ودعا برابع القوم فاضطرب قوله وتلجلج فوعظه وخوفه، فاعترف أنه وأصحابه قتلوا الرجل وأخذوا ماله، وأنهم دفنوه في موضع كذا وكذا بالقرب من الكوفة، فكبر أمير المؤمنين عليه السلام وأمر به إلى السجن، واستدعى بواحد (1) من القوم وقال له: زعمت أن الرجل مات حتف أنفه وقد قتلته اصدقني عن حالك وإلا نكلت بك، فقد وضح الحق في قصتكم، (2) فاعترف من قتل الرجل بما اعترف به صاحبه، ثم دعى الباقين فاعترفوا عنده بالقتل وسقطوا في أيديهم، (3) واتفقت كلمتهم على قتل الرجل وأخذ ماله، فأمر من مضى معهم (4) إلى موضع المال الذي دفنوه، فاستخرجوه منه وسلموه (5) إلى الغلام ابن الرجل المقتول.
ثم قال له: ما الذي تريد؟ قد عرفت ما صنع القوم بأبيك، قال: أريد أن يكون القضاء بيني وبينهم بين يدي الله عز وجل، وقد عفوت عن دمائهم في الدنيا فدرأ أمير المؤمنين عليه السلام (6) حد القتل وأنهكهم (7) عقوبة، فقال شريح: يا أمير المؤمنين كيف هذا الحكم؟ فقال له: إن داود عليه السلام مر بغلمان يلعبون وينادون بواحد منهم يا " مات الدين " قال: والغلام يجيبهم، فدنا داود عليه السلام منهم فقال له:
يا غلام ما اسمك؟ فقال: اسمي " مات الدين " قال له داود: من سماك بهذا الاسم؟
قال: أمي، فقال داود: أين أمك؟ قال: في منزلها، قال داود: انطلق بنا إلى