فينا نبيا يكون في بعض أصحابه سبعون خصلة من مكارم الدنيا والآخرة، فنظروا و فتشوا هل يجتمع عشر خصال في واحد فضلا عن سبعين، فلم يجدوا خصالا مجتمعة للدين والدنيا، ووجدوا عشر خصال مجتمعة في الدنيا وليس في الدين منها شئ ووجدوا زهير بن حباب الكلبي ووجدوه شاعرا طبيبا فارسا منجما شريفا أيدا كاهنا قائفا عائفا راجزا، (1) وذكروا أنه عاش ثلاثمائة سنة، وأبلى أربعة لحم.
قال ابن دأب: ثم نظروا وفتشوا في العرب - وكان الناظر في ذلك أهل النظر - فلم يجتمع في أحد خصال مجموعة للدين والدنيا بالاضطرار على ما أحبوا و كرهوا إلا في علي بن أبي طالب عليه السلام فحسدوه عليها حسدا أنغل القلوب (2) وأحبط الأعمال، وكان أحق الناس وأولاهم بذلك، إذ هدم الله عز وجل به بيوت المشركين ونصر به الرسول، واعتز به الدين في قتله من قتل من المشركين في مغازي النبي صلى الله عليه وآله.
قال ابن دأب: فقلنا لهم: وما هذه الخصال؟ قالوا: المواساة للرسول صلى الله عليه وآله وبذل نفسه دونه، والحفيظة، ودفع الضيم عنه، والتصديق للرسول بالوعد، و الزهد، وترك الامل، والحياء، والكرم، والبلاغة في الخطب، والرئاسة، والحلم والعلم، والقضاء بالفصل، والشجاعة، وترك الفرج عند الظفر، وترك إظهار المرح وترك الخديعة والمكر والغدر، وترك المثلة وهو يقدر عليها، والرغبة الخالصة إلى الله، وإطعام الطعام على حبه، وهو ان ما ظفر به من الدنيا عليه، وتركه أن يفضل نفسه وولده على أحد من رعيته، وطعمه (3) أدنى ما تأكل الرعية، ولباسه