أسنة رماحنا، فائذن لنا ننصرف فنعيد بأحسن من عدتنا، وأقام هو بالنخيلة وقال:
إن صاحب الحرب الارق الذي لا يتوجد (1) من سهر ليله وظماء نهاره ولا فقد نسائه وأولاده، فلا الذي انصرف فعاد فرجع إليه، ولا الذي أقام فثبت معه في عسكره أقام، فلما رأى ذلك دخل الكوفة فصعد المنبر فقال: لله أنتم ما أنتم إلا أسد الشرا في الدعة وثعالب رواغة (2) ما أنتم بركن يصال به ولا ذو أثر يعتصر إليها (3)، أيها المجتمعة أبدانهم والمختلفة أهواؤهم ما عزت دعوة من دعاكم، ولا استراح قلب من ماشاكم (4) مع أي إمام بعدي تقاتلون؟ وأي دار بعد داركم تمنعون؟ فكان في آخر حربه أشد أسفا وغيظا وقد خذله الناس.
قال: فما الحفظ؟ قال: هو الذي تسميه العرب العقل، لم يخبره رسول الله صلى الله عليه وآله بشئ قط إلا حفظه، ولا نزل عليه شئ قط إلا عني به (5) ولا نزل من أعاجيب السماء شئ قط إلى الأرض إلا سأل عنه حتى نزل فيه " وتعيها اذن واعية (6) " و أتى يوما باب النبي صلى الله عليه وآله وملائكته يسلمون عليه وهو واقف حتى فرغوا، ثم دخل على النبي صلى الله عليه وآله فقال (7): يا رسول الله سلم عليك أربعمائة ملك ونيف، قال: