إن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: " إني مخلف فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا: كتاب الله وعترتي أهل بيتي " وهذا الكتاب وأنا العترة، فقام إليه الثاني فقال له: إن يكن عندك قرآن فعندنا مثله، فلا حاجة لنا فيكما! فحمل عليه السلام الكتاب وعاد به بعد أن ألزمهم الحجة. وفي خبر طويل عن الصادق عليه السلام أنه حمله وولى راجعا نحو حجرته وهو يقول: " فنبذوه وراء ظهورهم واشتروا به ثمنا قليلا فبئس ما يشترون " ولهذا قرأ ابن مسعود " إن عليا جمعه وقرآنه * (1) فإذا قرأه فاتبعوا قرآنه " فأما ما روي أنه جمعه أبو بكر وعمر وعثمان فإن أبا بكر أقر لما التمسوا منه جمع القرآن فقال: كيف أفعل شيئا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وآله ولا أمرني به؟ ذكره البخاري في صحيحه (2) وادعى علي أن النبي صلى الله عليه وآله أمره بالتأليف ثم إنهم أمروا زيد بن ثابت وسعيد بن العاص وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام وعبد الله بن الزبير بجمعه، فالقرآن يكون جمع هؤلاء جميعهم.
ومنهم العلماء بالقراءات: أحمد بن حنبل وابن بطة وأبو يعلى في مصنفاتهم عن الأعمش عن أبي بكر بن أبي عياش في خبر طويل أنه قرأ رجلان ثلاثين آية من الأحقاف فاختلفا في قراءتهما، فقال ابن مسعود: هذا الخلاف، ما أقرؤه، فذهبت (3) بهما إلى النبي صلى الله عليه وآله فغضب وعلي عنده، فقال علي: رسول الله صلى الله عليه وآله يأمركم أن تقرؤوا كما علمتم، وهذا دليل على علم علي بوجوه القراءات المختلفة.
وروي أن زيدا لما قرأ " التابوه " (4) قال علي عليه السلام اكتبه " التابوت " فكتبه كذلك، والقراء السبعة إلى قراءته يرجعون، فأما حمزة والكسائي فيعولان على قراءة علي عليه السلام وابن مسعود، وليس مصحفهما مصحف ابن مسعود، فهما