اللهم إن الفرات ودجلة نهران أعجمان أصمان أعميان أبكمان، اللهم سلط عليهما بحرك وانزع منهما نصرك، لا النزعة باسكان الركي، دعوا إلى الاسلام فقبلوه (1)، وقرأوا القرآن فأحكموه، وهيجوا إلى الجهاد فولهوا اللقاح أولادها (2) وسلبوا السيوف أغمادها، وأخذوا بأطراف الرماح زحفا (3) وصفا صفا، صف هلك وصف نجا، لا يبشرون بالنجاة ولا يقرون على الفناء (4) أولئك إخواني الذاهبون فحق الثناء لهم إن بطئنا. (5) ثم رأيناه وعيناه تذرفان وهو يقول: " إنا لله وإنا إليه راجعون " إلى عيشة بمثل بطن الحية، متى؟ لا متى لك منهم لامتي.
قال ابن دأب: هذا ما حفظت الرواة الكلمة (6) وما سقط من كلامه أكثر و أطول مما لا يفهم عنه.
ثم الحكمة واستخراج الكلمة بالفطنة التي لم يسمعوها من أحد قط بالبلاغة في الموعظة، فكان مما حفظ من حكمته وصف رجلا أن قال: ينهي ولا ينتهي، ويأمر الناس بما لا يأتي، ويبتغي الازدياد فيما بقي، ويضيع ما أوتي، يحب الصالحين و لا يعمل بأعمالهم، ويبغض المسيئين وهو منهم، يبادر من الدنيا ما يفنى، ويذر من الآخرة ما يبقى، يكره الموت لذنوبه، ولا يترك الذنوب في حياته.
قال ابن دأب: فهل فكر الخلق إلى ما هم عليه من الوجود بصفته إلى ما مال غيره (7)؟.