ثم حاجة الناس إليه وغناه عنهم، إنه لم ينزل بالناس ظلماء عمياء كان لها موضعا غيره، مثل مجيئ اليهود يسألونه ويتعنتونه، ويخبر بما في التوراة وما يجدون عندهم، فكم يهودي (1) قد أسلم وكان سبب إسلامه هو.
وأما غناه عن الناس فإنه لم يوجد على باب أحد قط يسأله عن كلمة ولا يستفيد منه حرفا.
ثم الدفع عن المظلوم وإغاثة الملهوف، قال: ذكر الكوفيون أن سعيد بن قيس الهمداني رآه يوما في فناء حائط (2) فقال: يا أمير المؤمنين بهذه الساعة؟ قال:
ما خرجت إلا لاعين مظلوما أو أغيث ملهوفا، فبينا هو كذلك إذ أتته امرأة قد خلع قلبها لا تدري أين تأخذ من الدنيا، حتى وقفت عليه فقالت: يا أمير المؤمنين ظلمني زوجي وتعدى علي وحلف ليضربني، فاذهب معي إليه، فطأطأ رأسه ثم رفعه وهو يقول: حتى يؤخذ للمظلوم حقه غير متعتع (3)، وأين منزلك؟ قالت: في موضع كذا وكذا، فانطلق معها حتى انتهت إلى منزلها، فقالت: هذا منزلي، قال: فسلم، فخرج شاب عليه إزار ملونة، فقال عليه السلام: اتق الله فقد أخفت زوجتك. فقال: وما أنت وذاك والله لأحرقنها بالنار لكلامك، قال: وكان إذا ذهب إلى مكان أخذ الدرة بيده والسيف معلق تحت يده، فمن حل عليه حكم بالدرة ضربه، ومن حل عليه حكم بالسيف عاجله، فلم يعلم الشاب إلا وقد أصلت السيف وقال له: آمرك بالمعروف وأنهاك عن المنكر وترد المعروف؟ تب وإلا قتلتك قال: وأقبل الناس من السكك يسألون عن أمير المؤمنين عليه السلام حتى وقفوا عليه قال: فاسقط في يده الشاب (4) وقال: يا أمير المؤمنين اعف عني عفا الله عنك والله لأكونن أرضا تطأني، فأمرها بالدخول إلى منزلها وانكفأ وهو يقول: " لاخير في