إلى قوله: " إن هذا كان لكم جزاء وكان سعيكم مشكورا ". قوله: " ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا " قال: فقال العالم: أما إن عليا لم يقل في موضع: " إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا " ولكن الله علم من قلبه أنما أطعم لله، فأخبره بما يعلم من قلبه من غير أن ينطق به.
ثم هوان ما ظفر به من الدنيا عليه إنه جمع الأموال ثم دخل إليها فقال:
هذا جناي وخياره فيه * وكل جان يده إلى فيه (1) ابيضي واصفري وغري غيري أهل الشام غدا إذا ظهروا عليك. وقال: أنا يعسوب المؤمنين والمال يعسوب الظلمة.
ثم ترك التفضيل لنفسه وولده على أحد من أهل الاسلام، دخلت عليه أخته أم هانئ بنت أبي طالب، فدفع إليها عشرين درهما، فسألت أم هانئ مولاتها العجمية فقالت: كم دفع إليك أمير المؤمنين؟ فقالت: عشرين درهما، فانصرفت مسخطة، فقال لها: انصرفي رحمك الله ما وجدنا في كتاب الله فضلا لإسماعيل على إسحاق، وبعث إليه من خراسان بنات كسرى فقال لهن: أزوجكن؟ فقلن له:
لا حاجة لنا في التزويج فإنه لا أكفاء لنا إلا بنوك فإن زوجتنا منهم رضينا، فكره أن يؤثر ولده بما لا يعم به المسلمين، وبعث إليه من البصرة من غوص البحر بتحفة لا يدرى ما قيمته، فقالت له ابنته أم كلثوم: يا أمير المؤمنين أتجمل به ويكون في عنقي؟ فقال لها: يا با رافع (2) أدخله إلى بيت المال ليس إلى ذلك سبيل حتى لا تبقى امرأة من المسلمين إلا ولها مثل مالك (3). وقام خطيبا بالمدينة حين ولي فقال: يا معشر المهاجرين والأنصار يا معشر قريش اعلموا والله أني لا أرزؤكم (4)