ثم العلم فكم من قول قد قاله عمر: لولا علي لهلك عمر.
ثم المشورة في كل أمر جرى بينهم حتى يجيئهم بالمخرج.
ثم القضاء لم يتقدم (1) إليه أحد قط فقال له: عد غدا أو دفعه، إنما يفصل القضاء مكانه، ثم لو جاءه بعد لم يكن إلا ما بدر منه أولا.
ثم الشجاعة كان منها على أمر لم يسبقه الأولون ولم يدركه الآخرون من النجدة والبأس ومباركة الأخماس (2) على أمر لم ير مثله، لم يول دبرا قط، ولم يبرز إليه أحد قط إلا قتله، ولم يكع (3) عن أحد قط دعاه إلى مبارزته، ولم يضرب أحدا قط في الطول إلا قده، ولم يضربه في العرض إلا قطعه بنصفين، وذكروا أن رسول الله صلى الله عليه وآله حمله على فرس فقال: بأبي أنت وأمي أنا، مالي وللخيل؟ أنا لا أتبع أحدا ولا أفر من أحد وإذا ارتديت سيفي لم أضعه إلا للذي أرتدي له.
ثم ترك الفرح وترك المرح، أتت البشرى إلى رسول الله صلى الله عليه وآله (4) بقتل من قتل يوم أحد من أصحاب الألوية فلم يفرح ولم يختل، وقد اختال أبو دجانة و مشى بين الصفين مختالا، فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله: إنها لمشية يبغضها الله إلا في هذا الموضع.
ثم لما صنع بخيبر ما صنع من قتل مرحب وفرار من فربها قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لا عطين الراية رجلا (5) يحب الله ورسوله ويحبه الله و رسوله ليس بفرار فاختاره أنه ليس بفرار معرضا بالقوم (6) الذين فروا قبله، فافتتحها وقتل مرحبا وحمل بابها وحده، فلم يطقه دون أربعين رجلا، فبلغ ذلك رسول الله