والأصحاب والخزنة والأبواب " يشير إلى نفسه، وهو أبدا يأتي بلفظ الجمع، و مراده الواحد، والشعار ما يلي الجسد من الثياب، فهو أقرب من سائرها إليه، و مراده الاختصاص برسول الله صلى الله عليه وآله والخزنة والأبواب يمكن أن يعنى به خزنة العلم وأبواب العلم بقول (1) رسول الله صلى الله عليه وآله: " أنا مدينة العلم وعلي بابها فمن أراد الحكمة فليأت الباب " وقوله: " فليأت خازن علمي (2) " وقال: تارة أخرى: " عيبة علمي " ويمكن أن يريد به خزنة الجنة وأبواب الجنة، أي لا يدخل الجنة إلا من وافى بولايتنا، فقد جاء في حقه الشائع المستفيض (3) أنه قسيم النار والجنة، وذكر أبو عبيد الهروي في الجمع بين الغريبين أن قوما من أئمة العربية فسروه فقالوا:
لأنه لما كان محبه من أهل الجنة ومبغضه من أهل النار كان بهذا الاعتبار قسيم النار والجنة، قال أبو عبيد: وقال غير هؤلاء: بل هو قسيمها بنفسه على الحقيقة، يدخل قوما إلى الجنة وقوما إلى النار وهذا الذي ذكره أبو عبيد أخيرا هو يطابق الأخبار الواردة فيه: يقول للنار: هذا لي فدعيه وهذا لك فخذيه (4).
وقال ابن الأثير في النهاية: في حديث علي عليه السلام: " أنا قسيم النار " أراد أن الناس فريقان: فريق معي فهم على هدى، وفريق علي فهم على ضلال. فنصف معي في الجنة ونصف علي في النار، وقسيم فعيل بمعنى مفاعل. انتهى (5).
أقول: قد مضى ما يدل على ذلك في الأبواب السالفة، وسيأتي في الأبواب اللاحقة، وقد أوردنا جلها في كتاب المعاد، ولا شك في تواترها، ولا يريب عاقل في أن من كان قسيم الجنة والنار لا يكون تابعا لغيره، وكيف يجوز عاقل أن يكون الامام محتاجا في دخول الجنة إلى إذن أحد من رعيته؟ مع أنه لا يخفى على منصف تتبع الآثار أن من تقدم عليه كانوا أعداءه، وقد اشتمل تلك الأخبار على أنه يدخل أعداءه النار، فالحمد لله الذي رزقنا ولايته وولاية الأئمة من ذريته الأخيار.