يحيى بن سليمان العدوي، (1) عن أبي مريم الأنصاري، عن محمد بن علي الباقر عليهما السلام قال: خطب علي عليه السلام على منبر الكوفة فقال: " سيعرض عليكم سبي وستذبحون عليه، فإن عرض عليكم سبي فسبوني وإن عرض عليكم البراءة مني فإني على دين محمد صلى الله عليه وآله " ولم يقل " فلا تبرؤوا مني ".
وقال أيضا: حدثني أحمد بن المفضل، عن الحسن بن صالح، عن جعفر بن محمد عليهما السلام قال: قال علي عليه السلام: ليذبحن (2) على سبي - وأشار بيده إلى حلقه ثم قال -: فإن أمروكم بسبي فسبوني وإن أمروكم أن تتبرؤوا (3) مني فإني على دين محمد صلى الله عليه وآله، ولم ينههم عن إظهار البراءة. ثم قال: إنه أباح لهم سبه عند الاكراه لان الله تعالى قد أباح عند الاكراه التلفظ بكلمة الكفر فقال: " إلا من أكره وقلبه مطمئن بالايمان (4) " وأما قوله: " فإنه لي زكاة ولكم نجاة " فمعناه أنكم تنجون من القتل إذا أظهرتم ذلك، ومعنى الزكاة يحتمل أمرين:
أحدهما ما ورد في الاخبار النبوية أن سب المؤمن زكاة له وزيادة في حسناته، الثاني أن يريد أن سبهم لي لا ينقص في الدنيا من قدري بل أزيد به شرفا وعلو قدر وشياع ذكر، فالزكاة بمعنى النماء والزيادة.
فإن قيل فأي فرق بين السب والبراءة وكيف أجاز لهم السب ومنعهم من التبري (5) والسب أفحش من التبري؟ فالجواب أما الذي يقوله أصحابنا في ذلك فإنه لافرق عندهم بين السب والتبري منه في أن كلا منهما فسق وحرام وكبيرة وأن المكره عليهما يجوز له فعلهما عند خوفه على نفسه كما يجوز له إظهار كلمة الكفر عند الخوف، ويجوز أن لا يفعلهما وإن قتل إذا قصد بذلك إعزاز الدين كما