وقال جابر بن عبد الله الأنصاري: والله ما شبهت يوم الأحزاب قتل علي عمروا وتخاذل المشركين بعده إلا بما قصه تعالى قصة (1) داود وجالوت في قوله:
" فهزموهم بإذن الله وقتل داود جالوت (2) " وروى عمر بن عزهر (3) عن عمرو بن عبيد عن الحسن أن عليا عليه السلام لما قتل عمروا جز رأسه وحمله فألقاه بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله فقام أبو بكر وعمر فقبلا رأسه ووجه رسول الله صلى الله عليه وآله يهلل فقال: هذا النصر - أو قال: هذا أول النصر - وفي الحديث المرفوع أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: يوم قتل عمرو: ذهب ريحهم ولا يغزوننا بعد اليوم ونحن نغزوهم إن شاء الله.
وينبغي أن يذكر ملخص هذه القصة من مغازي الواقدي وابن إسحاق، قالا: خرج عمرو بن عبد ود يوم الخندق وقد كان شهد بدرا فارتث جريحا، ولم يشهد أحدا، فحضر الخندق شاهرا نفسه معلما مدلا بشجاعته وبأسه، وخرج معه ضرار بن الخطاب الفهري وعكرمة بن أبي جهل وهبيرة بن أبي وهب ونوفل بن عبد الله بن المغيرة المخزوميون، فطافوا بخيولهم على الخندق إصعادا وانحدارا يطلبون موضعا ضيقا يعبرونه، حتى وقفوا على أضيق موضع فيه فأكرهوا خيلهم (4) على العبور فعبرت، وصاروا مع المسلمين على أرض واحدة ورسول الله عليه السلام جالس وأصحابه قيام على رأسه، فتقدم عمرو بن عبد ود فدعا إلى البراز مرارا، فلم يقم إليه أحد، فلما أكثر قام علي عليه السلام فقال: أنا أبارزه يا رسول الله، فأمر (5) بالجلوس وأعاد عمرو النداء والناس سكوت على رؤوسهم الطير، (6) فقال عمرو: أيها الناس إنكم تزعمون أن قتلاكم في الجنة وقتلانا في النار، أفما يحب أحدكم أن يقدم على الجنة أو يقدم عدوا له إلى النار؟ فلم يقم إليه أحد، فقام علي عليه السلام دفعة