ما زادني على أن قال: سلاما سلاما، فقال المأمون: قد والله أجابك أبلغ جواب قال: كيف؟ قال: عرفك أنك جاهل لا تجاب، قال الله عز وجل: " وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما (1) ".
أبو منصور الثعالبي في كتاب الاقتباس من كلام رب الناس أنه رأى المتوكل في منامه عليا بين نار موقدة، ففرح بذلك لنصبه، فاستفتى معبرا، فقال المعبر:
ينبغي أن يكون هذا الذي رآه أمير المؤمنين نبيا أو وصيا، قال: من أين قلت هذا؟ قال: من قوله تعالى: " أن بورك من في النار ومن حولها (2) ".
الحريري في درة الغواص أنه ذكر شريك بن عبد الله النخعي فضائل علي عليه السلام فقال أموي: نعم الرجل علي، فغضب وقال: العلي يقال نعم الرجل فقال:
يا عبد الله ألم يقل الله في الاخبار عن نفسه: " فقدرنا فنعم القادرون (3) " وقال في أيوب " إنا وجدناه صابرا نعم العبد (4) " وقال في سليمان: " ووهبنا لداود سليمان نعم العبد (5) " أفلا ترضى لعلي ما رضي الله لنفسه ولأنبيائه؟ فاستحسن منه. وقال بعض النحاة: هذا الجواب ليس بصواب، وذلك أن " نعم " من الله تعالى ثناء على حقيقة الوصف له، تقريبا على فهم السامعين لمكان إنعامه عليهم، وفي حق أنبيائه تشريفا لهم، فأما من الآدمي في حق الاعلى فهو يقرب من الذم وإن كان مدحا في اللفظ، كما يقال في حق النبي صلى الله عليه وآله: " محمد فيه خير " فهو صادق إلا أنه مقصر.
وكان أبو بكر الهروي يلعب بالشطرنج، فسأله جبلي عن الامام بعد النبي صلى الله عليه وآله فوضع الهروي شاه وأربع بياذق فقال: هذا نبي وهذه الأربعة خلفاؤه، فقال الجبلي: الذي في جنبه ابنه؟ قال: لا ولم يبق له سوى بنت، قال:
فهذا ختنه؟ قال: لا وإنما هو ذاك الأخير، قال: هذا أقربهم إليه أو أشجعهم أو أعلمهم أو أزهدهم؟ قال: لا إنما ذلك هو الأخير، قال: فما يصنع هذا بجنبه؟