يوم الدين، أنزلت كتبي، وأرسلت رسلي لأستنقذ بهم عبادي من حبائل الشيطان وجعلتهم في بريتي وأرضي كالنجوم الدراري في سمائي يهدون بوحيي وأمري، من أطاعهم أطاعني، ومن عصاهم فقد عصاني، وإني لعنت وملائكتي في سمائي وأرضي واللاعنون من خلقي من جحد ربوبيتي، أو عدل بي شيئا من بريتي، أو كذب بأحد من أنبيائي ورسلي، أو قال: أوحي إلى ولم أوح إليه (1) شيئا، أو غمص سلطاني أو تقمصه متبرئا، أو أكمه (2) عبادي وأضلهم عني، ألا وإنما يعبدني من عرف ما أريد من عبادتي (3) وطاعتي من خلقي، فمن لم يقصد إلي من السبيل (4) التي نهجتها برسلي لم يزدد في عبادته مني إلا بعدا.
قال العاقب: رويدك فأشهد لقد نبأت حقا.
قال حارثة: فما دون الحق من مقنع، ولا بعده (5) لامرئ مفزع، ولذلك قلت الذي قلت.
فاعترضه السيد وكان ذا محال وجدال شديد فقال: ما أحرى (6) وما أرى أخا قريش مرسلا إلا إلى قومه بني إسماعيل دينه " كذا " وهو مع ذلك يزعم أن الله عز وجل أرسله إلى الناس جميعا.
قال حارثة: أفتعلم أنت يا باقرة أن محمدا مرسل من ربه إلى قومه خاصة؟
قال: أجل، قال أتشهد له بذلك؟ قال: ويحك وهل يستطاع دفع الشواهد؟ نعم أشهد غير مرتاب بذلك، وبذلك شهدت له الصحف الدارسة، والانباء الخالية، فأطرق حارثة ضاحكا ينكت الأرض بسبابته.
قال السيد: ما يضحكك يا ابن أثال (7)؟ قال: عجبت فضحكت، قال: