نبوة محمد صلى الله عليه وآله في أمر مستقر، ولولا انقطاع نسله لما ارتبتما فيما زعمتما به أنه السابق العاقب، قالا: أجل إن ذلك لمن أكبر أماراته عندنا، قال: فأنتما والله فيما تزعمان من نبي ثان من بعده في أمر ملتبس، والجامعة في ذلك يحكم (1) بيننا فتنادى الناس من كل ناحية وقالوا: الجامعة يا با حارثة الجامعة، وذلك لما مسهم في طول تحاور الثلاثة من السأمة والملل، وظن القوم مع ذلك أن الفلج (2) لصاحبهما (3) بما كانا يدعيان في تلك المجالس من ذلك، فأقبل (4) أبو حارثه إلى علج واقف منه أمما فقال: امض يا غلام فأت بها، فجاء بالجامعة يحملها على رأسه و هو لا يكاد يتماسك بها لثقلها.
قال: فحدثني رجل صدق من النجرانية ممن كان يلزم السيد والعاقب و يخف لهما في بعض أمورهما، ويطلع على كثير من شأنهما، قال: لما حضرت الجامعة بلغ ذلك من السيد والعاقب كل مبلغ، لعلمهما بما يهجمان عليه في تصفحها من دلائل رسول الله صلى الله عليه وآله وصفته، وذكر أهل بيته وأزواجه وذريته، و ما يحدث في أمته وأصحابه من بوائق الأمور من بعده إلى فناء الدنيا وانقطاعها فأقبل أحدهما على صاحبه فقال: هذا يوم ما بورك لنا في طلوع شمسه، لقد شهدته أجسامنا، وغابت عنه آراؤنا بحضور طغامنا (5) وسفلتنا، ولقل ما شهد سفهاء قوم مجمعة (6) إلا كانت لهم الغلبة، قال الآخر: فهم شر غالب لمن غلب، إن أحدهم ليفتق بأدنى كلمة، ويفسد في بعض ساعته (7) مالا يستطيع الآسي الحليم له رتقا ولا الخولي النفيس إصلاحا له في حول مجرم ذلك، لان السفيه هادم، والحليم بان، وشتان بين البناء والهدم، قال: فانتهز حارثة الفرصة فأرسل في خفية (8) و