ونقرب النساء وندهن؟ وقال بعضهم: أما تستحيون تخرجون (1) رؤسكم تقطر من الغسل ورسول الله صلى الله عليه وآله على إحرامه؟ فأنكر رسول الله صلى الله عليه وآله على من خالف في ذلك. وقال: " لولا أني سقت الهدي لأحللت، وجعلتها عمرة، فمن لم يسق هديا فليحل " فرجع قوم وأقام آخرون على الخلاف، وكان فيمن أقام على الخلاف (2) عمر بن الخطاب، فاستدعاه رسول الله صلى الله عليه وآله وقال: " مالي أراك يا عمر محرما؟ أسقت هديا (3)؟ " قال: لم أسق، قال: " فلم لا تحل وقد أمرت من لم يسق (4) بالاحلال؟ " فقال: والله يا رسول الله لا أحللت وأنت محرم، فقال له النبي صلى الله عليه وآله: " إنك لن تؤمن بها حتى تموت " فلذلك أقام على إنكار متعة الحج حتى رقا المنبر في إمارته فنهى عنها نهيا مجددا وتوعد عليها بالعقاب.
ولما قضى رسول الله صلى الله عليه وآله نسكه أشرك عليا عليه السلام في هديه، وقفل إلى المدينة وهو معه والمسلمون حتى انتهى إلى الموضع المعروف بغدير خم وليس بموضع إذ ذاك يصلح للمنزل (5) لعدم الماء فيه والمرعى، فنزل عليه السلام في الموضع ونزل المسلمون معه، وكان سبب نزوله في هذا المكان نزول القرآن عليه بنصبه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام خليفة في الأمة من بعده، وقد كان تقدم الوحي إليه في ذلك من غير توقيت له، فأخره لحضور وقت يأمن فيه الاختلاف منهم عليه، وعلم الله عز وجل أنه إن تجاوز غدير خم انفصل عنه كثير من الناس إلى بلدانهم (6) وأماكنهم وبواديهم، فأراد الله أن يجمعهم لسماع النص على أمير المؤمنين عليه السلام و تأكيد الحجة عليهم (7) فيه، فأنزل الله تعالى (8): " يا أيها الرسول بلغ ما انزل