فإني أشهد أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله (1) تلجلج بها فوه (2) فقال أبو سفيان للعباس: فما نصنع باللات والعزى؟ فقال له عمر: اسلح (3) عليهما، قال أبو سفيان: أف لك، ما أفحشك؟ ما يدخلك يا عمر في كلامي وكلام ابن عمي؟
فقال له رسول الله: عند من تكون الليلة؟ قال: عند أبي الفضل، قال: " فاذهب به يا أبا الفضل فأبته عندك الليلة، واغد به علي " فلما أصبح سمع بلالا يؤذن، قال:
ما هذا المنادي يا أبا الفضل؟ قال: هذا مؤذن رسول الله قم فتوض (4) وصل، قال:
كيف أتوضأ؟ فعلمه، قال: ونظر أبو سفيان إلى النبي صلى الله عليه وآله وهو يتوضأ وأيدي المسلمين تحت شعره فليس قطرة يصيب (5) رجلا منهم إلا مسح بها وجهه، فقال:
بالله إن رأيت كاليوم قط كسرى ولا قيصر، فلما صلى غدا به إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: يا رسول الله إني أحب أن تأذن لي إلى قومك فأنذرهم وأدعوهم إلى الله ورسوله فأذن له، فقال للعباس: كيف أقول لهم؟ بين لي من ذلك أمرا يطمئنون إليه، فقال صلى الله عليه وآله: " تقول لهم: من قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له وشهد أن محمدا رسول الله، وكف يده فهو آمن، ومن جلس عند الكعبة ووضع سلاحه فهو آمن " فقال العباس: يا رسول الله إن أبا سفيان رجل يحب الفخر، فلو خصصته بمعروف، فقال صلى الله عليه وآله: " من دخل دار أبي سفيان فهو آمن " قال أبو سفيان:
داري؟ قال: دارك، ثم قال: " ومن أغلق بابه فهو آمن ".
ولما مضى أبو سفيان قال العباس: يا رسول الله إن أبا سفيان رجل من شأنه الغدر، وقد رأى من المسلمين تفرقا، قال: فأدركه واحبسه في مضايق الوادي حتى يمر به جنود الله، قال: فلحقه العباس، فقال: أبا حنظلة! قال: أغدرا يا بني هاشم؟ قال: ستعلم أن الغدر ليس من شأننا، ولكن أصبح حتى تنظر إلى جنود