في مثل أحلام العصافير، عليهم تقوم الساعة، وإنما تقوم على شرار الناس وأخابثهم، فذلك الوعد الذي صلى به الله عز وجل على أحمد، كما صلى به على خليله إبراهيم في كثير مما لأحمد صلى الله عليه من البراهين والتأييد الذي خبرت به كتب الله الأولى.
قال حارثة: فمن الأثر المستقر عندك أبا واثلة في هذين الاسمين أنهما لشخصين، لنبيين مرسلين في عصرين مختلفين؟ قال العاقب: أجل، قال: فهل يتخالجك في ذلك ريب، أو يعرض لك فيه ظن؟ قال العاقب: كلا والمعبود، إن هذا لأجلي من بوح (1)، وأشار له إلى جرم الشمس المستدير، فأكب حارثة مطرقا و جعل ينكت في الأرض عجبا، ثم قال: إنما الآفة أيها الزعيم المطاع أن يكون المال عند من يخزنه لا من ينفقه، والسلاح عند من يتزين به لا من يقاتل به، والرأي عند من يملكه (2) لا من ينصره.
قال العاقب: لقد أسمعت يا حويرث فأقذعت، وطفقت فأقدمت فمه، قال: أقسم بالذي قامت السماوات والأرض بإذنه، وغلب (3) الجبابرة بأمره إنهما اسمان مشتقان لنفس واحدة، ولنبي واحد، ورسول واحد، أنذر (4) به موسى بن عمران وبشر به عيسى بن مريم، ومن قبلهما أشار به في صحف إبراهيم عليه السلام.
فتضاحك السيد يري قومه ومن حضرهم أن ضحكه هزؤ من حارثة وتعجبا (5) وانتشط العاقب ذلك (6) فأقبل على حارثة مؤنبا فقال: لا يغررك باطل أبي قرة فإنه وإن ضحك لك فإنما يضحك منك، قال حارثة: لئن فعلها لأنها لاحدى الدهارس أو سوءة (7) أفلم تتعرفا، راجع الله بكما من موروث الحكمة، لا ينبغي