وفيها قدم السيد والعاقب من نجران فكتب لهم رسول الله صلى الله عليه وآله كتاب صلح.
وفيها قدم وفد عبس ووفد خولان وهم عشرة، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا قدم الوفد لبس أحسن ثيابه وأمر أصحابه بذلك.
وفيها قدم وفد عامر بن صعصعة، وفيهم عامر بن الطفيل وأربد بن ربيعة وكانا قد أقبلا يريدان رسول الله صلى الله عليه وآله، فقيل: يا رسول الله هذا عامر بن الطفيل قد أقبل نحوك، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " دعه فإن يرد الله به خيرا يهده " فأقبل حتى قام عليه، فقال: يا محمد مالي إن أسلمت؟ قال: " لك ما للمسلمين، وعليك ما عليهم " قال: تجعل لي الامر بعدك. قال: " ليس (1) ذلك إلي، إنما ذلك إلى الله يجعله حيث شاء " قال: فتجعلني على الوبر وأنت على المدر؟ قال: لا، قال:
فماذا تجعل لي؟ قال: " أجعل لك أعنة الخيل تغزو عليها " قال: أوليس ذلك إلي اليوم؟ كان عامر قد قال لأربد: إذا رأيتني أكلمه فدر من خلفه فاضربه بالسيف، فدار أربد ليضربه فاخترط من سيفه شبرا ثم حبسه الله فيبست يده على سيفه ولم يقدر على سله، فعصم الله نبيه، فرأى أربد وما يصنع بسيفه قال: " اكفنيهما بما شئت " فأرسل الله تعالى على أربد صاعقة فأحرقته، وولى عامر هاربا وقال: يا محمد دعوت ربك فقتل أربد؟ والله لأملأنها عليك خيلا جردا وفتيانا مردا، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " يمنعك الله من ذلك وأبناء قيلة " يعني الأوس والخزرج، فنزل عامر بيت امرأة سلولية فلما أصبح ضم عليه سلاحه وخرج وهو يقول: والله (2) لئن أصحر إلي محمد وصاحبه - يعني ملك الموت - لأنفذهما (3) برمحي، فأرسل الله تعالى ملكا فأثراه في التراب (4) وخرجت عليه غدة كغدة البعير عظيمة، فعاد إلى بيت السلولية وهو يقول: أغدة كغدة البعير، وموت في بيت سلولية.
ثم ركب فرسه فمات على ظهر الفرس. فأنزل الله تعالى: " ويرسل الصواعق