ثم ذكر تخلف القوم على ما سيأتي بيانه.
قال: فلما بويع لأبي بكر أمر بريدة باللواء إلى أسامة ليمضي لوجهه فمضى بريدة إلى معسكر هم الأول، فلما كان هلال ربيع الآخر سنة إحدى عشرة خرج أسامة فسار إلى أهل ابني عشرين ليلة فشن عليهم الغارة، فقتل من أشرف (1) له، وسبى من قدر عليه، وقتل قاتل أبيه، ورجع إلى المدينة، فخرج أبو بكر في المهاجرين وأهل المدينة يتلقونهم سرورا لسلامتهم، وفي مدة مرضه صلى الله عليه وآله جاء الخبر بظهور مسيلمة والعنسي، وكانا يستغويان أهل بلادهما إلا أنه لم يظهر أمرهما إلا في حال مرض رسول الله صلى الله عليه وآله، وكان صلى الله عليه وآله قد لحقه مرض بعيد عوده من الحج ثم عوفي، ثم عاد فمرض مرض الموت، قال أبو مويهبة: لما رجع رسول الله صلى الله عليه وآله من حجه طارت الاخبار بأنه قد اشتكى، فوثب الأسود باليمن ومسيلمة باليمامة فأما الأسود العنسي فاسمه عهيلة (2) بن كعب، وكان كاهنا يشعبذ ويريهم الأعاجيب ويسمي منطقه قلب من يسمعه، وكان أول خروجه بعد حجة رسول الله صلى الله عليه وآله فسار إلى صنعاء، فأخذها، فكتب فروة بن مسيك إلى رسول الله عليه وآله بخبره وكان عامل رسول الله صلى الله عليه وآله على مراد، وخرج معاذ بن جبل هاربا حتى مر بأبي موسى الأشعري وهو بمارت (3) فاقتحما حضر موت، ورجع عمرو بن خالد إلى المدينة، وقتل شهر بن باذام (4) وتزوج امرأته، وكانت ابنة عم فيروز، فأرسل رسول الله صلى الله عليه وآله إلى نفر من الأبناء رسولا، وكتب إليهم أن يحاولوا الأسود إما غيلة، وإما مصادمة، و أمرهم أن يستنجدوا رجالا سماهم لهم ممن حولهم من حمير وهمدان، وأرسل إلى أولئك النفر أن ينجدوهم، فدخلوا على زوجته فقالوا: هذا قد قتل أباك وزوجك فما عندك؟ قالت: هو أبغض خلق الله إلي، وهو مجرد، والحرس محيطون بقصره إلا هذه البيت، فانقبوا عليه، فنقبوا، ودخل فيروز الديلمي فخالطه فأخذ برأسه فقتله، فخار خوار ثور فابتدر الحرس الباب فقالوا: ما هذا؟ فقالت: النبي