الحاضر والمستقبل من الزمان " لا يعصينك في معروف " وهو جميع ما يأمرهن به، لأنه صلى الله عليه وآله لا يأمر إلا بالمعروف، وقيل: عنى بالمعروف النهي عن النوح وتمزيق الثياب وجز الشعر، وشق الجيب، وخمش الوجه، والدعاء بالويل " فبايعهن " على ذلك " واستغفر لهن الله " من ذنوبهن " إن الله غفور " أي صفوح عنهن " رحيم " منعم عليهن، وروي أن النبي صلى الله عليه وآله بايعهن وكان على الصفا، وكان عمر أسفل منه، وهند بنت عتبة متنقبة متنكرة مع النساء خوفا أن يعرفها رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: " أبايعكن على أن لا تشركن بالله شيئا " فقالت هند: إنك لتأخذ علينا أمرا ما رأيناك أخذته على الرجال، وذلك أنه بايع الرجال يومئذ على الاسلام والجهاد فقط، فقال النبي صلى الله عليه وآله: " ولا تسرقن " فقالت هند: إن أبا سفيان رجل ممسك، وإني أصبت من ماله هنات، فلا أدري أيحل لي أم لا، فقال أبو سفيان: ما أصبت من شئ (1) فيما مضى وفيما غبر فهو لك حلال، فضحك رسول الله صلى الله عليه وآله وعرفها، فقال لها: " وإنك لهند بنت عتبة؟ " قالت: نعم فاعف عما سلف يا نبي الله عفا الله عنك، فقال ولا تزنين، فقالت هند أوتزني الحرة، فتبسم عمر بن الخطاب لما جرى بينه وبينها في الجاهلية، فقال صلى الله عليه وآله: ولا تقتلن أولادكن، فقالت هند: ربيناهم صغارا وقتلتموهم كبارا فأنتم وهم أعلم، وكان ابنها حنظلة بن أبي سفيان قتله علي بن أبي طالب عليه السلام يوم بدر، فضحك عمر حتى استلقى، وتبسم النبي صلى الله عليه وآله، ولما قال:
ولا تأتين ببهتان، قالت هند: والله إن البهتان قبيح، وما تأمرنا إلا بالرشد ومكارم الأخلاق ، ولما قال: " ولا يعصينك في معروف " قالت هند: ما جلسنا مجلسنا هذا وفي أنفسنا أن نعصيك في شئ.
وروى الزهري عن عرفه (2) عن عائشة قالت: كان النبي صلى الله عليه وآله يبايع النساء بالكلام بهذه الآية " أن لا يشركن بالله شيئا " وما مست يد رسول الله صلى الله عليه وآله يدا مرأة قط إلا امرأة يملكها، رواه البخاري في الصحيح.