عليهم عبداؤهم (1) وقنهم (2) يملكون جيلا فجيلا يسيرون في الناس بالقعسرية (3) حيطا خيطا (4)، ويكون سلطانهم سلطانا عضوضا ضروسا، فتنتقص الأرض حينئذ من أطرافها، ويشتد البلاء وتشتمل (5) الآفات حتى يكون الموت أعز من الحياة الحمر (6)، أو أحب حينئذ إلى أحدهم من الحياة إلى المعافاة السليم، وما ذلك إلا لما يدهون (7) به من الضر والضراء والفتنة العشواء، وقوام الدين يومئذ و زعماؤه يومئذ أناس ليسوا من أهله، فيمج الدين بهم (8)، وتعفو آياته، ويدبر توليا وامحاقا، فلا يبقي منه إلا اسمه حتى ينعاه ناعيه، والمؤمن يومئذ غريب، و الديانون قليل ما هم، حتى يستأيس الناس من روح الله وفرجه إلا أقلهم، وتظن أقوام أن لن ينصر الله رسله ويحق وعده، فإذا بهم الشصائب والنقم، واخذ من جميعهم بالكظم، تلافى الله دينه، وراش عباده (9) من بعد ما قنطوا برجل من ذرية نبيهم أحمد ونجله، يأتي الله عز وجل به من حيث لا يشعرون، تصلي عليه السماوات وسكانها، وتفرج به الأرض وما عليها، من سوام وطاير وأنام وتخرج له أمكم يعني الأرض بركتها وزينتها، وتلقي إليه كنوزها وأفلاذ كبدها حتى تعود كهيئتها على عهد آدم وترفع عنهم المسكنة والعاهات في عهده، والنقمات التي كانت تضرب بها الأمم من قبل، وتلقي في البلاد، الامنة، وتنزع حمة كل ذات حمة، ومخلب كل ذي مخلب، وناب كل ذي ناب، حتى أن الجويرية اللكاع لتلعب بالأفعوان فلا يضرها شيئا، وحتى يكون الأسد في الباقر كأنه راعيها، والذئب في البهم كأنه ربها، ويظهر الله عبده على الدين كله فيملك مقاليد الأقاليم إلى بيضاء الصين، حتى لا يكون على عهده، في الأرض أجمعها إلا دين الله الحق الذي ارتضاه لعباده، و بعث به آدم بديع فطرته، وأحمد خاتم رسالته (10)، ومن بينهما من أنبيائه ورسله.
(٣٠٠)